الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (44- 47): .شرح الكلمات: {لعنة الله}: أي أمره بطرد الظالمين من الرحمة إلى العذاب. {يصدون عن سبيل الله}: سبيل الله الإِسلا والصد: الصرف فهم صرفوا أنفسهم وصرفوا غيرهم. {ويبغونها عوجا}: يطلبون الشريعة أن تميل مع ميولهم وشهواتهم فتخدم أغراضهم. {وبينهما حجاب}: أي بين أهل الجنة وأهل النار حاجز فاصل وهو سور الأعراف. {وعلى الأعراف}: سور بين الجنة والنار قال تعالى من سورة الحديد {فضرب بينهم بسور}. {يعرفون كلا بسيماهم}: أي كل من أهل الجنة أهل الجنة بعلاماتهم. {صرفت أبصارهم}: أي نظروا إلى الجنة التي فيها أصحاب النار. .معنى الآيات: وقوله: {يعرفون كلاً بسيماهم} أي يعرفون أهل الجنة بسيماهم وهي بياض الوجوه ونضرة النعيم، ويعرفون أهل النار بسواد الوجوه وزرقة العيون. {ونادوا أصحاب الجنة} أي نادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنة قائلين: سلام عليكم يتطمعون بذلك كما قال تعالى: {لم يدخلوها وهم يطمعون. وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار} أي نظروا إلى جهة أهل النار فرأوا أهلهات مسودة وجوههم زرق أعينهم يكتنفهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم، رفعوا أصواتهم قائلين: {ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} أي أهل النار لأنهم دخلوها بظلمهم العياذ بالله. .من هداية الآيات: 2- يجوز إطلاق لفظ الوعد على الوعيد للمشاكلة أو التهكم كما في هذه الآيات. 3- التنديد بالصد عن سبيل الل، والظلم والكفر بالآخرة وهي أسباب الشقاء في الدار الآخرة. 4- تقرير مبدأ ثقل الحسنات ينجي وخفتها تردي، ومن استوت حسناته وسيئاته ينجو آخر من ينجو من دخول النار. 5- مشروعية الطمع إذا كان مقتضاه موجوداً. .تفسير الآيات (48- 51): .شرح الكلمات: {جمعكم}: أي للمال وللرجال كالجيوش. {أهؤلاء}: إشارة إلى ضعفاء المسلمين وهم في الجنة. {أو مما رزقكم الله}: أي من الطعام والشراب. {حرمهما}: منعهما. .معنى الآيات: وفي الآية الثالثة يقول تعالى مخبراً عن أصحاب النار وأصحاب الجنة {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء} وذلك لشدة عطشهم {أو مما رزقكم الله} أي من الطعام وذلك لشدة جوعهم فيقال لهم: {إن الله حرمهما} أي شراب الجنة وطعامها {على الكافرين} فلا ينالوهما بحال من الأحوال. ثم وصف الكافرين ليعرض جرائمهم التي اقتضت حرمانهم وعذابهم ليكون ذلك عظة وعبرة للكفار من قريش ومن سائر الناس فقال وهو ما تضمنته الآية الرابعة {الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون} أي نتركهم في عذابهم كما تركوا يومهم هذا فلم يعملوا له من الإِيمان والصالحات، وبسبب جحودهم لآياتنا الداعية إلى الإِيمان وصالح الأعمال. .من هداية الآيات: 2- بشرى الضعفة من المسلمين بدخول الجنة وسعادتهم فيها. 3- تحريم اتخاذ شيء من الدين لهواً ولعباً. 4- التحذير من الاغترار بالدنيا حتى ينسى العبد آخرته فلم يعد لها ما ينفعه فيها من الإِيمان وصالح الأعمال. .تفسير الآيات (52- 54): .شرح الكلمات: {بكتاب}: القرآن العظيم. {فصلناه على علم}: بيناه على علم منَّا فبيّنا حلاله وحرامه ووعده ووعيده وقصصه ومواعظه. {تأويله}: تأويل ما جاء في الكتاب من وعد ووعيد أي عاقبة ما أنذروا به. {وضل عنهم}: أي ذهب ولم يعثروا عليه. {في ستة أيام}: يغطي كل واحد منهما الآخر عند مجيئه. {حثيثاً}: سريعاً بلا انقطاع. {مسخرات}: مذللات. {ألا}: أداة استفتاح وتنبيه (بمنزلة ألو للهاتف). {له الخلق والأمر}: أي له المخلوقات والتصرف فيها وحده لا شريك له. {تبارك}: أي عظمت قدرته، وجلت عن الحصر خيراته وبركاته. {العالمين}: كل ما سوى الله تعالى فهو عالم أي علامة على خالقه وإلهه الحق. .معنى الآيات: وفي الآية الأخيرة يقول تعالى لأولئك المتباطئين في إيمانهم {إنّ ربَّكم} الذي يُحبُّ ان تعبدوه وتدعوه وتتقربوا إليه وتطيعوه {اللُّه الذي خلق السمواتِ والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يُغْشِي اللّيْلَ النهَّار يطلبه حثيثاً والشمس القمرَ والنجّومَ مسخراتٍ بأمره} هذا هو ربكم الحق وإلهكم الذي لا إله لكم غيره، ولا ربَّ لكم سواه، أمّا الأصنام والأوثان فلن تكون ربّاً ولا إلهاً لأحد أبداً لأنّها مخلوقة غير خالقة وعاجزة عن نفع نفسها. ودفع الضّر عنها فكيف بغيرها؟ إنّ ربَّكم ومعبودكم الحقّ الذي له الخلق كلّه ملكاً وتصرفاً وله الأمر وحده يتصرف كيف يشاء في الملكوت كله. علويّه وسفليّه فتبارك الله رب العالمين. .من هداية الآيات: 2- يحسن التثبت في الأمر والتأني عند العمل وترك العجلة، فالله قادرٌ على خلق السمَّوات والأرض في ساعة ولكن خلقها في ستة أيام بمقدار أيام الدّنيا تعليماً وإرشاداً إلى التثبت في الأمور والتأني فيها. 3- صفة من صفات الرب تعالى التي يجب الإِيمان بها ويحرم تأويلها أو تكييفها وهي اسواؤه تعالى على عرشه. 4- انحصار الخلق كلّ الخلق فيه تعالى فلا خالق إلا هو، والأمر كذلك فلا آمر ولا ناهي غيره. هنا قال عمر: من بقي له شيء فليطلبه إذ لم يبق شيء ما دام الخلق والأمر كلاهما لله. .تفسير الآيات (55- 56): .شرح الكلمات: {تضرعاً وخفية}: أي حال كونكم ضارعين متذللين مخفي الدعاء غير رافعين أصواتكم به. {المعتدين}: أي في الدعاء وغيره والاعتداء في الدعاء أن يسأل الله ما لم تجر سنته بإعطائه أو إيجاده أو تغييره كأن يسأل أن يكون نبياً أو أن يرد طفلاً أو صغيراً، أو يرفع صوته بالدعاء. {ولا تفسدوا في الأرض}: أي بالشرك والمعاصي بعد إصلاحها بالتوحيد والطاعات. {المحسنين}: الذين يحسنون أعمالهم ونياتهم، بمراقبتهم الله تعالى في كل أحوالهم. .معنى الآيات: ثم بعد هذا الإِرشاد والتوجيه إلى ما يكملهم ويسعدهم نهاهم عن الفساد في الأرض بعد أن أصلحها تعالى والفساد في الأرض يكون بالشرك والمعاصي، والمعاصي تشمل سائر المحرمات كقبل الناس وغصب أموالهم وإفساد زروعهم وإفساد عقولهم بالسحر والمخدرات وأعراضهم بالزنى والموبقات. ومرة أخرى يحضهم على دعائه لأن الدعاء هو العبادة وفي الحديث الصحيح: «الدعاء هو العبادة» فقال: ادعوا ربكم أي سلوه حاجتكم حال كونكم في دعائكم خائفين من عقابه طامعين راجين رحمتة وبين لهم أن رحمته قريب من المحسنين الذين يحسنون نيّاتهم وأعمالهم ومن ذلك الدعاء فمن أحسن الدعاء ظفر بالإِجابة، فثواب المحسنين قريب الحصول بخلاف المسيئين فإنه لا يستجاب لهم. .من هداية الآيتين: 2- تبيان آداب الدعاء وهو: أن يكون الداعي ضارعاً متذللاً، وأن يخفي دعاءه فلا يجهر به، وأن يكون حال الدعاء خائفاً طامعاً، وأن لا يعتدي في الدعاء بدعاء غير الله تعالى أو سؤال ما لم يتجر سنة الله بإعطائه. 3- حرمة الإِفساد في الأرض بالشرك والمعاصي بعد أن أصلحها الله تعالى بالإِسلام. 4- الترغيب في الإِحسان مطلقاً خاصاً وعاماً حيث أن الله تعالى يحب أهله. .تفسير الآيات (57- 58): .شرح الكلمات: {بُشْراً}: جمع بشير أي مبشرات بقرب نزول نزل المطر، قرئ نشراً أي تنشر السحاب للأمطار. {رحمته}: أي رحمة الله تعالى وهي المطر. {أقلت سحاباً ثقالاً}: أي حملت سحاباً ثقالاً مسبعاً ببخار الماء. {ميت}: لا نبات به ولا عشب ولا كلأ. {كذلك نخر الموتى}: أي كذلك نحيي الموتى ونخرجهم من قبورهم أحياء. {تذكرون}: تذكرون فتؤمنون بالبعث والجزاء. {الطيب}: أي الطيب التربة. {خبث}: أي خبثت تربته بأن كانت سبخة. {إلا نَكِداً}: أي إلا عسراً. {تصرف الآيات}: أي ننوعها ونخالف بين أساليبها ونذكر في بعضها ما لم نذكره في بعضها للهداية والتعليم. {لقوم يشكرون}: لأنهم هم الذين نتفعون بالنعم بشكرها بصرفها في محاب الله تعالى. .معنى الآيتين: هذا ما تضمنته الآية الأولى (57): {وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته} أي المطر {حتى إذا أقلَّت} أي حملت {سحاباً ثقالاً} أي ببخار الماء {سقناه} بقدرتنا ولطف تدبيرنا {لبلد ميت} لا يحاة به لا نبات ولا زرع، ولا عشب {فأنزلنا به} أي بالسحاب {الماء} العذب الفرات، {فأخرجنا به من كل الثمرات} المختلفة الألوان والروائح والطعوم {كذلك نخرج الموتى} كهذا الإِخراج للنبات من الأرض الميتة نخرج الموتى من قبورهم وعملنا هذا نسمعكم إياه ونريكموه بأبصاركم رجاء أن تذكروا فتذكروا أن القادر على إحياء الأرض قادر على إحياء الموتى رحمة منا بكم وإحساناً منا إليكم. أما الآية الثانية (58) فقد تضمنت مثلاً ضربه الله تعالى للعبد المؤمن والكافر إثر بيان قدرته على إحياء الناس بعد موتهم فقال تعالى: {والبلد الطيب} أي طيب التربة {يخرج نباته بإذن ربه} وذلك بعد إنزال المطر به، وهذ مثل العبد المؤمن ذي القلب الحي الطيب إذا سمع ما ينزل من الآيات يزداد إيمانه وتكثر أعماله الصالحة {والذي خبث} أي والبلد الذي تربته خبيثة سبخة أو حمأة عندما ينزل به المطر لا يخرج نباته إلا نكداً عسراً قليلاً غير صالح وهذا مثل الكافر عندما يسمع الآيات القرآنيةلا يقبل عليها ولا ينتفع بها في خُلقه ولا سلوكه فلا يعمل خيراًولا يترك شراً. وقوله تعالى: {كذلك نصرف الآيات} أي ببيان مظاهر قدرته تعالى وعلمه وحكمته ورمته وضر الأمثال وسوق الشواهد والعبر {لقوم يشكرون} إذ هم المنتفعون بها أما الكافرون الجاحدون فأنى لهم الإِنتفاع بها وهم لا يعرفون الخير ولا ينكرون الشر. .من هداية الآيتين: 2- الإِستدلال بالحاضر على الغائب وهو من العلوم النافعة. 3- حسن ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان. 4- فضيلة الشكر وهو صرف النعمة فيما من أجله وهبها الله تعالى للعبد. .تفسير الآيات (59- 64): .شرح الكلمات: {هذا يوم عظيم}: هو عذاب يوم القيامة. {الملأ}: أشراف القوم ورؤساؤهم الذين يملأون العين والمجلس. {وأنصح لكم}: أريد لكم الخير لا غير. {أوَعجبتم}: الاستفهام للإِنكار، وعجبتم الواو عاطفة والمعطوف عليه جملة هي كذبتم أي أكذبتم وعجبتم. {لينذركم}: أي العذاب المترتب على الكفر والمعاصي. {وللتتقوا}: أي الله تعالى بالإِيمان به وتوحيده وطاعته فترحمون فلا تعذبون. {والذين معه في الفلك}: هم المؤمنون من قومه والفلك هي السفينة التي صنعها بأمر الله تعالى وعونه. {عمين}: جمع عمٍ وهو أعمى البصيرة أما أعمى العينين يقال فيه أعمى. .معنى الآيات: وهذا أول قصص يقوله تعالى فيه {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه} أي وعزتنا لقد أرسلنا نوحا إلى قومه كما أرسلناك أنت يا رسولنا إلى قومك من العرب والعجم، فقال: أي نوح في دعوته: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} أي ليس لكم على الحقيقة إله غيره، إذ الإِله الحق من يخلق يرزق ويدبر فيحيي ويميت ويعطي ويمنع، ويضر وينفع، ويسمع ويبصر فأين هذا من آلهة نحتموها يأيديكم، ووضعتموها في بيوتكم عمياء لا تبصر صماء لا تسمع بكماء لا تنطق فكيف يصح أن يطلق عليها اسم الإِله وتعبد {إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} أنذرهم عذاب يوم القيامة إن هم أصروا على الشرك والعصيان فأجابه الملأ منهم وهم أهل الحل والعقد في البلاد قائلين: {إن النراك في ضلال مبين} بسبب موقفك العدائي هذا لآلهتنا، ولعبادتنا إياها فأجاب عليه السلام قائلاً {يا قوم ليس بي ضلالة} مجرد ضلالة فكيف بالضلال كله كما تقولون، {ولكني رسول من رب العالمين} أي إليكم {أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم} أي بما هو خير لكم في حالكم ومآلكم، واعلموا أني {وأعلم من الله ما لا تعلمون} فأنا على علم بما عليه ربي من عظمة وسلطان، وجلال، وجمال، وما عنده من رحمة وإحسان، وما لديه من نكال وعذاب، وأنتم لا تعلمون فاتقوا الله إذاً وأطيعوني يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى آجالكم، ولا يعجل بفنائكم وواصل حديثه معهم وقد دام ألف سنة إلا خمسين عاماً قائلاً: أكذبتم بما دعوتكم إليه وجئتكم به وعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم، ولتتقوا الله بتوحيده وعبادته وطاعته رجاء أن ترحموا فلا تعذبوا أمن هذا يتعجب العقلاء؟ وكانت نتيجة لهذه الدعوة المباركة الخيّرة أن كذبوه فأنجاه ربه والمؤمنين معه، وأغرق الظالمين المكذبين، لأنهم كانوا قوماً عمين فلا يستحقون البقاء والنجاة قال تعالى: {فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذينكذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً عمين} لا يبصرون الآية ولا يرون النذر والشواهد. .من هداية الآيات: 2- تقرير وتأكيد التوحيد، وبيان معنى لا إله إلا الله. 3- التحذير من عذاب يوم القيامة بالتذكير به. 4- أصحاب المنافع من مراكز وغيرها هم الذين يردون دعوة الحق لمنافاتها للباطل. 5- تقرير مبدأ العاقبة للمتقين. 6- تعمى القلوب أخطر من عمى العيون على صاحبه.
|