الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير
.الْأَثر السَّابِع: هُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد أخرجه الْبَيْهَقِيّ عَنهُ فِي سنَنه من رِوَايَة عِكْرِمَة قَالَ: «أَرْسلنِي ابْنُ عَبَّاس إِلَى زَيْدِ بْنِ ثابتٍ أسأله عَن زوجٍ وأبوين، فَقَالَ زيدٌ: للزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي، وَللْأَب بَقِيَّة المَال. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: للْأُم الثُّلُث كَامِلا». وَفِي رِوَايَة: «وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَهُوَ السُّدُس، فَأرْسل إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس: أَفِي كتاب الله تَجِد هَذَا؟ قَالَ: لَا وَلَكِن أكره أَن أُفَضِّل أُمًّا عَلَى أَب، قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يُعْطَى للأُمِّ الثُّلُث من جَمِيع المَال». وَفِي رِوَايَة لَهُ: «أبكتابِ الله أَمْ بِرَأْيِك؟ فَقَالَ: برأيي. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَأَنا أَقُول برأيي، للأُمِّ الثُّلُث كَامِلا». ثمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ عَن فُضَيْل، عَن إِبْرَاهِيم قَالَ خَالف ابْنُ عَبَّاس فِيهَا النَّاس وَفِي رِوَايَة عَن إِبْرَاهِيم خَالف ابْن عَبَّاس جَمِيع أهل الصَّلَاة فِي زوج وأبوين. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيجوز أَن يُحْتج فِيهَا بِاتِّفَاق الصَّحَابَة، قبل إِظْهَار ابْن عَبَّاس الْخلاف كَمَا احْتج عُثْمَان فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة، أَي: وَهُوَ الْأَثر الثَّانِي. .الْأَثر الثَّامِن: قلت: هُوَ كَمَا قَالَ، وَقد رَوَى الرِّوَايَتَيْنِ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ، ثمَّ قَالَ: الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَن زيد بن ثَابت التَّشْرِيك، وَالْأُخْرَى تفرّد بهَا مُحَمَّد بن سَالم وَلَيْسَ بالقويّ. قَالَ الرَّافِعِيّ: وتُسَمَّى حِماريَّة؛ لِأَن عمر كَانَ لَا يُورث أَوْلَاد الْأَب وَالأُم، فَقَالُوا: هَبْ أنْ أَبَانَا كَانَ حمارا، ألَسْنا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَة؟؛ فَشَرَكَهُمْ. قلت: رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك، وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن، قَالَ فِي سنَنه: أبنا أَبُو عبد الله- هُوَ: الْحَاكِم- ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس ثَنَا يَحْيَى بن أبي طَالب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا أَبُو أُميَّة بن يعْلى الثَّقَفِيّ، عَن أبي الزِّنَاد، عَن عَمْرو بن وهيب، عَن أَبِيه، عَن زيد بن ثَابت فِي المشركة قَالَ: «هَبُوا أَن أباهم كَانَ حمارا، مَا زادهم الأبُ إِلَّا قُرْبًَا. وأشرك بَينهم فِي الثُّلُث». قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. قَالَ: وشرحْتُه بِحَدِيث الشّعبِيّ عَن عُمر وعليّ وَزيد فِي: أُمٍّ وَزوج وإخوة لأَب وَأم وإخوة لأم، أَن الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم شُرَكَاء للإخوة من الْأُم فِي ثلثهم، وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: «هم بَنو أُمٍّ كلهم، وَلم يزدهم الْأَب إِلَّا قُرْبًا؛ فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث». وَذكر الطَّحَاوِيّ: أَن عمر كَانَ لَا يُشْرك حَتَّى ابْتُلي بمسألةٍ، فَقَالَ لَهُ الْأَخ وَالْأُخْت من الْأَب وَالأُم: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: هَبْ أَن أَبَانَا كَانَ حمارا، ألَسْنَا من أُمٍّ واحدةٍ. فَرجع. قلت: وَبَلغنِي عَن بعض المتفقهة فِي علم الْفَرَائِض والمقلدين فِي علم الحَدِيث: أَنه يُنكر عَلَى الإِمَام الرافعيِّ وَغَيره من الْفُقَهَاء تسميتهم هَذِه الْمَسْأَلَة بالحماريَّة، وَقَالَ: هَذِه تَسْمِيَة لم يقلها أحد، وَالْمَعْرُوف أَنهم قَالُوا إِن أَبَانَا كَانَ حَجَرًا. وَمِمَّا قَالَه هَذَا المغتر حَتَّى لَو عَكسه لَكَانَ أصوب؛ فَإِن مَا ادَّعَاهُ من هَذِه التَّسْمِيَة لَا يُعْرف؛ فَلَيْتَهُ سكت. .الْأَثر التَّاسِع: وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه لَكِن عَن سعد- أَظُنهُ: ابْن أبي وَقاص- أخرجه من حَدِيث الْقَاسِم بن عبد الله بن ربيعَة بن قانف: أَن سَعْدا كَانَ يقْرؤهَا: «وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة أَو امْرَأَة وَله أَخ أَو أُخْت من أُمّ». وَقَالَ أَبُو الطّيب: رَوَاهُ عَن سعد بن أبي وَقاص أَبُو بكر بن الْمُنْذر، وَحَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيّ عَنهُ وَعَن أبيّ بن كَعْب. .الْأَثر الْعَاشِر: وَفِي سنَن سعيد بن مَنْصُور: ثَنَا خَالِد بن عبد الله، عَن لَيْث بن أبي سليم، عَن عَطاء: «أَن أَبَا بكر وعُمر وَعُثْمَان وابْنَ عبَّاسٍ كَانُوا يجْعَلُونَ الجدَّ أَبَا». وَفِي غَرِيب أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام: حدَّثني ابْن عُليَّة، عَن أَيُّوب، عَن ابْن أَبَى مليكَة، قَالَ ابْنُ عُليَّة: يشبه أَن يكون هَذَا كَلَام ابْن عَبَّاس، مَنْ شَاءَ باهلته أَن الله لم يذكر فِي كِتَابه جدًّا إِنَّمَا هُوَ أبٌ. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَأجْمع الصَّحَابَة عَلَى أَن الْأَخ لَا يُسْقط الجدّ. قلت: لَا إِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة؛ فقد حَكَى ابْن حزم قولاَ: أَن الْإِخْوَة تُقَدَّم عَلَى الجدِّ، ثمَّ حَكَى أقوالاً أُخَر فِيهِ. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَبَاب الجدِّ أكْثَرَ فِيهِ الصحابةُ. قلت: جدًّا؛ فَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن عُبَيْدَة قَالَ: «إِنِّي لأحْفَظُ عَن عُمر فِي الجَدِّ مائَة قَضِيَّة، كلهَا ينْقض بَعْضهَا بَعْضهَا». وَذكر البيهقيُّ جُملةً مِنْ ذَلِك فِي سنَنه ثمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَن سعيد بن خَيْبَر، عَن رجل من مُرَاد أَنه سمع عليًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يَقُول: من سره «أَن يقتحم جراثيم جَهَنَّم؛ فليقض بَين الجِدِّ وَالإِخْوَة». .الْأَثر الْحَادِي عشر: هَذَا الْأَثر رَوَاهُ البيهقيُّ فِي سنَنه من حَدِيث سُفْيَان، عَن عِيسَى الْمدنِي، عَن الشّعبِيّ قَالَ: «كَانَ مِنْ رَأْي أبي بكر وَعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَن يُجعل الجدّ أَوْلى من الْأَخ، وَكَانَ عمر يكره الكلامَ فِيهِ، فلمَّا صَار عُمر جَدًّا قَالَ: هَذَا أمْر قد وَقع لابد للنَّاس من مَعْرفَته، فَأرْسل إِلَى زيد بن ثَابت يسْأَل، فَقَالَ: كَانَ مِنْ رَأْيِي ورأي أبي بكر: أَن يَجْعَل الجِد أوْلى مِنَ الْأَخ، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تجْعَل شَجَرَة نَبتَت، فانشعب مِنْهَا غُصْن، فاشعب فِي الْغُصْن غُصْن، فَمَا يَجْعَل للغصن الأوَّل أَوْلى من الْغُصْن الثَّانِي وَقد خرج الْغُصْن من الْغُصْن. قَالَ: فَأرْسل إِلَى عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ زيدٌ إِلَّا أَنه جعله سيلاً سَالَ فانشعب مِنْهُ شُعْبَة، ثمَّ انشعب مِنْهُ شعبتان. فَقَالَ: أَرَأَيْت لَو أنَّ هَذِه الشعبة الْوُسْطَى تيبس رَجَعَ اليبس إِلَى الشعبتين جَمِيعًا، فَقَامَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَخَطب الناسَ....» إِلَى آخِره. وَفِي رِوَايَة لَهُ: فَقَالَ زيد: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَا تجْعَل شَجَرَة نَبتَت فانشعب مِنْهَا غُصْن، فانشعب فِي الْغُصْن غصنان، فَمَا جعل الأوَّل أَوْلى من الثَّانِي، وَقد خرج الغصنان من الْغُصْن الأوَّل. وَذكر عَن عليٍّ كَمَا تقدَّم. وَفِي رِوَايَة لَهُ: «أَن عمر بن الْخطاب أَتَى إِلَى زيد يسْأَله، فَسَأَلَهُ عَنهُ، فَامْتنعَ حَتَّى يعرف رَأْيه فِيهِ، ثمَّ أَتَاهُ أُخْرَى فَكتب إِلَيْهِ، وَضرب لَهُ مَثَلاً، إِنَّمَا مثله مَثَلُ شجرةٍ نَبتَت عَلَى سَاق وَاحِد؛ فَخرج فِيهَا غُصْن، ثمَّ خرج فِي الْغُصْن غُصْن آخر، فالساق يسْقِي الْغُصْن، فَإِن قطعتَ الْغُصْن الأوَّل رَجَعَ المَاء إِلَى الْغُصْن- يَعْنِي الثَّانِي- وَإِن قطعتَ الثَّانِي رَجَعَ المَاء إِلَى الأول. فأمضاه عُمر». وَفِي رِوَايَة: «أَنه شبهه بأصْل الشَّجَرَة، وَالْأَب بغُصْنٍ مِنْهَا، وَالإِخْوَة بخوطين؛ تشعبا من الْغُصْن». وفِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم: «أَن عُمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لمَّا استشارهم فِي مِيرَاث الجدِّ وَالإِخْوَة، قَالَ زيد: وَكَانَ رَأْيِي أَن الْإِخْوَة أَولى بِالْمِيرَاثِ من الجِدِّ، وَكَانَ عُمرُ يرَى يومئذٍ أَن الجدَّ أولَى بميراث ابْن ابْنه من إخواته، قَالَ زيد: فجاوزتُ أَنا عمرُ، فَضربت لعمر فِي ذَلِك مَثَلاً، وَضرب عليُّ بْنُ أبي طَالب وعَبْدُ الله بن عَبَّاس لعُمَرَ فِي ذَلِك مثلا يَوْمئِذٍ السَّيْل يَضْرِبَانِهِ، ويصرفانه عَلَى نَحْو تصريف زيد». ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ. .الْأَثر الثَّانِي عشر: هَذِه الْمَسْأَلَة ترْجم عَلَيْهَا الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: بَاب الِاخْتِلَاف فِي مَسْأَلَة الخرقاء، ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ إِلَى الشّعبِيّ: «أَن الْحجَّاج سَأَلَهُ فِي: أُمّ وَأُخْت وجدّ، فَقَالَ: قد اخْتلف فِيهَا خمسةٌ من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: عبد الله بن عَبَّاس وَزيد، وَعُثْمَان، وعليّ، وَعبد الله بن مَسْعُود. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا ابْن عَبَّاس إِن كَانَ لمقنبًا وَفِي رِوَايَة إِن كَانَ لمنقبًا. قلت: جعل الجدَّ أَبَا، وَلم يُعْطِ الأختَ شَيْئا، وَأعْطَى الأُمَّ الثُّلُث. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا زيد؟ قلت: جَعَلها من تسعةٍ، أعْطى للْأُم ثَلَاثَة، والجدَّ أَرْبَعَة، وَالْأُخْت سَهْمَيْنِ. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا أَمِير الْمُؤمنِينَ- يَعْنِي عُثْمَان- قلت: جعلهَا أَثلَاثًا. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا ابْن مَسْعُود؟ قلت: جعلهَا من سِتَّة أسْهم؛ فَأعْطَى الْأُخْت ثَلَاثَة، والجدَّ سَهْمَيْنِ، وَالأُم سَهْما. قَالَ: فَمَا قَالَ أَبُو تُرَاب- يَعْنِي: عليًّا-؟ قلت: جعلهَا من سِتَّة أسْهم؛ الْأُخْت ثَلَاثَة، وَالأُم سَهْمَيْنِ، والجدَّ سَهْما». قلت: وتابع الشعبيَّ إبراهيمُ، كَمَا سَاقه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا، ثمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَن عُمر في: أم، وَأُخْت، وجد، للْأُخْت النّصْف، وَللْأُمّ ثلث مَا يَبْقَى، وللجد مَا بَقِي. ثمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ إِلَى إِبْرَاهِيم قَالَ: «كَانَ عُمر وعبدُ الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما لَا يفضلان أُمًّا عَلَى جدٍّ». هَذَا مَجْمُوع مَا ذكره البيهقيُّ فِي هَذَا الْبَاب، وَفِيه مُخَالفَة لِمَا ذكره الرافعيُّ فِي حَقِّ ابْن مَسْعُود، وَلما رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن رجلٍ عَن الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء، عَن إِبْرَاهِيم وسُفْيَان، عَمَّن سمع الشعبيَّ يَقُول أَظُنهُ عَن عبد الله «فِي جدٍّ وَأُخْت وَأم، للْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم، وَللْأُمّ سهم، وللجد سَهْمَان». وَرَوَى ابْن حزم من حَدِيث وَكِيع، ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُمر بن الْخطاب: «فِي: أختٍ، وَأم، وجدٍ، قَالَ للْأُخْت النّصْف، وَللْأُمّ السُّدس، وَمَا بَقِي فللجد». وَرَوَى سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه: عَن هشيم عَن عُبَيْدَة، عَن الشّعبِيّ، قَالَ: «أرسل إليَّ الْحجَّاج فَقَالَ لي: مَا تَقول فِي فريضةٍ أُتِيْتُ بهَا: أم، وجدّ، وَأُخْت؟ قلت: مَا قَالَ فِيهَا الْأَمِير؟ فأخْبَرَني بقوله. فَقلت: هَذَا قضاءُ أبي تُرَاب- يَعْنِي: عليَّ بن أبي طَالب-، وَقَالَ: فِيهَا سبعةٌ من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ عُمر وَابْن مَسْعُود: للْأُخْت النّصْف، وللجِدّ الثُّلُث، وَللْأُمّ السُّدس. وَقَالَ عُثْمَان بن عَفَّان: للْأُم الثُّلُث، وَللْأُخْت الثُّلُث، وللجد الثُّلُث». قَالَ الرَّافِعِيّ: وَقد تُسَمَّى هَذِه الْمَسْأَلَة مُثَلَّثَة عُثْمَان لِمَا عَرَفْتَ مِنْ مذْهبه، ومسدسة؛ لِأَن فِيهَا سِتَّة مَذَاهِب عَن الصَّحَابَة، ومسبعة لِأَن عَن عُمرَ فِيهَا رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا تقدمتْ، وَالْأُخْرَى: «أَنه يفْرض للْأُم: السُّدس» وَالْمعْنَى وَاحِد، وَرُبمَا تسمى مُخَمَّسة؛ لِأَن مِنْهُم مَنْ يَقُول: قَضَى فِيهَا عُثْمَان وعليٌّ وَزيد وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس. كَأَنَّهُ لَا تثبت الرِّوَايَة عَن غَيرهم. قلت: الْقَائِل هُوَ الشّعبِيّ، كَمَا تقدَّم. .الْأَثر الثَّالِث عشر: قَالَ الرَّافِعِيّ: وَأنكر قبيصةُ قضاءَ زَيْدٍ فِيهَا بِمَا اشْتهر عَنهُ. ثمَّ ذكر الرَّافِعِيّ أَرْبَعَة أقوالٍ لِمَ سُمِّيَتِْ أكدرية؟ رَابِعهَا: لتكدر أَقْوَال الصَّحَابَة وَكَثْرَة اخْتلَافهمْ فِيهَا، فَأَبُو بكر يُسْقط الأُخْتَ، وَعمر وَابْن مَسْعُود يَقُولَانِ: للْأُم السُّدس. وَالْبَاقِي كَمَا ذكرنَا، فتعول إِلَى ثَمَانِيَة، وعليٌّ يفْرض، وتُعَالُ كَمَا ذكرنَا، وَلَكِن تقرر نصيب الْأُخْت عَلَيْهَا. وَهَذَا رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بعضه من طَرِيق الشّعبِيّ: فِي: أم، وَأُخْت، وَزوج، وجِدّ؛ فِي قَول عليٍّ: للْأُم الثُّلُث، وَللْأُخْت النّصْف، وَللزَّوْج النّصْف، وللجد السُّدس؛ من تِسْعَة. وَفِي قَول عبد الله: للْأُخْت النّصْف، وَللزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ الثُّلُث، وللجد السُّدس، من تِسْعَة أسْهم، ويُقَاسم الجدَ الْأُخْت بسدسه وَنِصْفهَا، فَيكون لَهُ ثُلُثَاهُ، وَلها ثلثه، تضرب التِّسْعَة فِي ثَلَاثَة؛ فَتكون سَبْعَة وعشْرين، للْأُم سِتَّة، وَللزَّوْج تِسْعَة، وَيبقى اثْنَا عشر؛ للجدّ ثَمَانِيَة، وَللْأُخْت أَرْبَعَة. الأكدريةُ أُمُّ الْفروج. هَذَا مَا ذكره الْبَيْهَقِيّ بعد أَن بوَّب: الِاخْتِلَاف فِي مَسْأَلَة الأكدرية. ثمَّ ذكر فِي بَاب: كَيْفيَّة الْمُقَاسَمَة بَين الجِدّ وَالإِخْوَة قَول زيد كَمَا رُوِيَ الإِمَام الرَّافِعِيّ أَولا. وَفِي سنَن سعيد بن مَنْصُور: ثَنَا هشيم، ثَنَا الْمُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: قَالَ عليٌّ للزَّوْج ثَلَاثَة أسْهم، وَللْأُمّ سَهْمَان، وللجد سهم، وَللْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: للزَّوْج ثَلَاثَة أسْهم، وَللْأُمّ سهم؛ وللجد سهم، وَللْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم. وَقَالَ زيد بن ثَابت: للزَّوْج ثَلَاثَة، وَللْأُمّ سَهْمَان، وللجد سهم، وَللْأُخْت ثَلَاثَة أسْهم، تُضْرب جَمِيع السِّهَام فِي ثَلَاثَة، فَتكون سَبْعَة وَعشْرين، للزَّوْج من ذَلِك تِسْعَة، وَللْأُمّ سِتَّة، يَبْقَى اثْنَا عشر؛ للجدّ مِنْهَا ثَمَانِيَة، وَللْأُخْت أَرْبَعَة. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: للزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ الثُّلُث، وللجد مَا بَقِي، وَلَيْسَ للْأُخْت شَيْء. وَرَوَى ابْنُ حزم من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: حَدثُونِي عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن الشّعبِيّ قَالَ: حدَّثَني راوية زَيْدِ بن ثَابت- يَعْنِي: قبيصَة بن ذُؤَيْب أَنه لم يقل فِي الأكدرية شَيْئا- يَعْنِي: زيد بن ثَابت-. .الْأَثر الرَّابِع عشر: هَذَا غَرِيب عَنهُ. بل فِي الْبَيْهَقِيّ عَنهُ أَنه قَالَ: «المملوكون وَأهل الْكِتَابَة بِمَنْزِلَة الْأَمْوَات». .الْأَثر الْخَامِس عشر: هَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من رِوَايَة إِبْرَاهِيم عَنهُ «أَنه كَانَ يُشْرك الجدَّ إِلَى الثُّلُث مَعَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات، فَإِذا بلغ الثُّلُث أعطَاهُ الثُّلُث، وَكَانَ للإخوة وَالْأَخَوَات مَا بَقِي» ثمَّ سَاق ذَلِك إِلَى أَن قَالَ: «فَإِن لحقتِ الْفَرَائِض امْرَأَة وزوج وأُمّ؛ أعطي أهل الْفَرَائِض فرائضهم، وَمَا بَقِي قَاَمَ الْأُخوة وَالْأَخَوَات، فَإِن كَانَ ثلث مَا بَقِي خير لَهُ من الْمُقَاسَمَة أعطَاهُ ثلث مَا بَقِي وَإِن كَانَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من ثلث مَا بَقِي قَاسم، وَإِن كَانَ سدس جَمِيع المَال خيرا لَهُ من الْمُقَاسَمَة أعطَاهُ السُّدس، وَإِن كَانَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من سدس جَمِيع المَال قَاسم. .الْأَثر السَّادِس عشر: هَذَا لَا يَحْضُرُني هَكَذَا، وَإِنَّمَا فِي سنَن الْبَيْهَقِيّ بَاب الْعَوْل فِي الْفَرَائِض، ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ: أَن أول مَنْ أعال الْفَرَائِض زيدُ بْنُ ثَابت، وَكَانَ أَكثر مَا أعالها بِهِ الثُّلثَيْنِ. وَعَن عليّ: «فِي: امرأةٍ وأبوين وابْنَيْنِ، صَار ثُمنها تسعا». وَعَن عبد الله وعليّ: «أَنَّهُمَا أعالا فِي الْفَرَائِض». وَعَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود قَالَ: «دخلتُ أَنا وزفرُ بن أَوْس بن الْحدثَان عَلَى ابْن عَبَّاس بَعْدَمَا ذهب بَصَره، فتذاكرنا فرائضَ الْمِيرَاث، فَقَالَ: ترَوْنَ الَّذِي أحصى رمل عالج عددا لم يحص فِي مالٍ نصفا وَنصفا وَثلثا، إِذا ذهب نصفٌ ونصفٌ؛ فَأَيْنَ مَوضِع الثُّلُث؟، فَقَالَ لَهُ زفر: يَا ابْن عَبَّاس: من أوَّل من أعال الفرائضَ؟ قَالَ: عمر بن الْخطاب قَالَ: ولِمَ؟ قَالَ: لمَّا تدافعتْ عَلَيْهِ وَركب بَعْضهَا بَعْضًا قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع بكم؟ واللَّهِ مَا أَدْرِي أَيّكُم قدَّمَ اللَّهُ وَلَا أَيّكُم أخَّر. قَالَ: وَمَا أجد فِي هَذَا المَال شَيْئا أحسن مِنْ أَن أقسم عَلَيْكُم بِالْحِصَصِ. ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس: وأيْمُ الله لَو قَدَّمَ مَنْ قدَّمَ اللَّهُ، وأخَّر مَنْ أخَّرَ اللَّهُ مَا عالتْ فريضةٌ. فَقَالَ لَهُ زفر: وأيهم قَدَّم؟ وأيهم أخَّر؟ فَقَالَ: كل فَرِيضَة لَا تَزُول إِلَّا إِلَى فَرِيضَة، فَتلك الَّتِي قدَّم اللَّهُ، وَتلك فريضةٌ؛ الزَّوْج لَهُ النّصْف، فَإِن زَالَ فَلهُ الرُّبع لَا يُنْقص مِنْهُ، وَالْمَرْأَة لَهَا الرُّبْع، فَإِن زالتْ عَنهُ صَارَت إِلَى الثُّمْن لَا يُنْقَص مِنْهُ، وَالْأَخَوَات لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، والواحدة لَهَا النّصْف، فَإِن دخلن عَلَيْهِنَّ الْبَنَات كَانَ لَهُنَّ مَا بَقِي فَهَؤُلَاءِ الَّذين أخَّر الله، فَلَو أعْطى مَنْ قدَّم الله فَرِيضَة كَامِلَة، ثمَّ قَسَّم مَا يَبْقَى بَين من أخَّر الله بِالْحِصَصِ مَا عالتْ فريضةٌ. فَقَالَ لَهُ زفر: مَا مَنعك أَن تُشِير بِهَذَا الرَّأْي عَلَى عُمر؟ فَقَالَ: هِبْتُهُ وَالله». قَالَ ابْن إِسْحَاق: قَالَ لي الزُّهْرِيّ: وايمُ اللَّهِ: لَوْلَا أَنه تقدم إِمَام هدى كَانَ أمْره عَلَى الْوَرع مَا اخْتلف عَلَى ابْن عَبَّاس اثْنَان من أهل الْعلم. وَذكر هَذَا الْحَاكِم بأخْصَرَ مِنْ هَذَا، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم، وَلم يخرجَاهُ. قَالَ أَبُو عَمرو بن الْحَاجِب فِي كِتَابه فِي الْأُصُول: وَانْفَرَدَ ابْن عَبَّاس بإنكار الْعَوْل. قلت: لَا، فقد وَافقه عَطاء وابْنُ الْحَنَفِيَّة وَدَاوُد وأصحابُه، كَمَا نَقله عَنْهُم أَبُو مُحَمَّد بن حزم ثمَّ اخْتَارَهُ. .الْأَثر السَّابِع عشر: وَهَذَا قد أخرجه أَبُو عبيد فِي غَرِيبه ثمَّ البيهقيُّ فِي سنَنه وَلم يذكرَا أَنه قَالَ ذَلِك عَلَى الْمِنْبَر، ولفظها كَمَا تقدَّم فِي الْأَثر قبله؛ فَإِن لفظ أبي عبيد كلفظه. وَذكر الإِمَام الرَّافِعِيّ مسَائِل مُلَقَّبَات مَشْهُورَة فِي كُتُب الفرضيين، فَمِنْهَا: مربعات ابْن مَسْعُود: وَهِي: بنت وَأُخْت وجد، قَالَ: للْبِنْت النّصْف، وَالْبَاقِي بَينهمَا مُنَاصَفَة. وَزوج وَأم وجد، قَالَ: للزَّوْج النّصْف، وَالْبَاقِي بَينهمَا. وَزَوْجَة وَأم وجد وَأَخ. جعلَ المَال بَينهم أَربَاعًا. وَزَوْجَة وَأُخْت وجدّ؛ قَالَ: للزَّوْجَة الرّبع، وَللْأُخْت النّصْف، وَالْبَاقِي للجدِّ. فالصور كلهَا مِنْ أَرْبَعَة، والأخيرة تسمى مربعة الْجَمَاعَة؛ لأَنهم كلهم جعلوها من أَرْبَعَة، وإنِ اخْتلفُوا فِي بعض الْأَنْصِبَاء. ثمَّ ذكر بعد ذَلِك: الثمنية والتسعينية، والنصفية، والعمريتان، والمباهلة، والناقضة، والدينارية وَكلهَا مَشْهُورَة فِي كُتُبِ الْفَرَائِض فَلَا نطوّل بالْكلَام عَلَيْهَا، ونشرع فِيمَا هُوَ أهَمُّ مِنْ ذَلِك؛ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. .كتاب الْوَصَايَا: ذكر فِيهِ من الْأَحَادِيث: .ثَلَاثَة وَعشْرين حَدِيثا: .الحديث الأوَّل: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وتلميذُه البيهقيُّ فِي سنَنه عَنهُ، من حَدِيث نُعيم بن حَمَّاد، عَن الدَّرَاورْدِي، عَن يَحْيَى بن عبد الله بن أبي قَتَادَة، عَن أَبِيه: «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَدِم الْمَدِينَة سَأَلَ عَن الْبَراء بن معْرور، فَقَالُوا: تُوفِّي، وَأَوْصَى بِثُلثِهِ لَك يَا رَسُول الله، وَأَوْصَى أَن يُوَجَّه إِلَى الْقبْلَة لمَّا احْتضرَ، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: أصَاب الْفطْرَة، وَقد رددتُ ثلثه عَلَى وَلَده. ثمَّ ذهب فصلىَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه وَأدْخلهُ جنتك». ثمَّ قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَلَا أعلم فِي تَوْجِيه المحتضر إِلَى الْقبْلَة غير هَذَا الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة للبيهقي: «أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قدم بعد سنة». قَالَ الْبَيْهَقِيّ: كَذَا وجدْتُه فِي كتابي، والصَّوَاب: شهر. وَفِي رِوَايَة للطبراني من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا مَعْبَدٌ أَو أَبُو مُحَمَّد بن معبد، عَن أبي قَتَادَة، عَن الْبَراء بن معْرور «أَنه أَوْصَى للنَّبِي بِثُلث مَاله، يَضَعهُ حَيْثُ شَاءَ فردَّه النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى وَلَده». فَائِدَة: أوّل مَنْ أَوْصَى بِالثُّلثِ البراءُ بن معْرور، وَهُوَ أوَّلُ مَنْ أَوْصى أَن يُدْفَنَ إِلَى الْقبْلَة أَيْضا. وَفِي الْبَيْهَقِيّ فِي الْجَنَائِز فِي سنَنه عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك فِي قصَّة ذكرهَا، قَالَ: فَكَانَ الْبَراء بن معْرور أوَّل مَنْ اسْتقْبل الْقبْلَة حيًّا وَمَيتًا. .الحديث الثَّانِي: هَذَا الحَدِيث كَرَّرَه الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب، وَهُوَ صحيحٌ، أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا كَذَلِك وَزِيَادَة: بعد «يعودنِي»: «فِي حَجَّة الْوَدَاع» وَزَادا فِي آخِره: «وَإنَّك لن تنْفق نَفَقَةً تبتغي بهَا وجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بهَا، حَتَّى مَا تجْعَل فِي فيِّ امْرَأَتك، قَالَ: فَقلت يَا رَسُول الله: أُخَلَّفُ بعد أَصْحَابِي؟ قَالَ: إِنَّك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي بِهِ وجْه الله إِلَّا ازددتَ بِهِ دَرَجَة ورِفْعَةً، ولعلك إنْ تخلف حَتَّى ينْتَفع بك أقوامٌ ويُضَرُّ بك آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أمْضِ لِأَصْحَابِي هجرتهم وَلَا تردهم عَلَى أَعْقَابهم، لَكِن البائس سعدُ بن خَوْلَة يرثي لَهُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن مَاتَ بِمَكَّة». وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: «فأُوصي بِثُلثي مَالِي؟، قَالَ: لَا». وَفِي رِوَايَة لَهُ «يرحم الله ابْنَ عفراء». وَهُوَ وهْم، وَالْمَحْفُوظ ابْنَ خَوْلَة كَمَا ذكره البخاريُّ فِي مَوضِع آخر، وَلَعَلَّ الوهْم مِنْ سعد بن إِبْرَاهِيم، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَخَالف سفيانُ الجماعةَ، فَقَالَ: عَام الْفَتْح وَالصَّحِيح «فِي حَجَّة الْوَدَاع». وَقد أوضحتُ الْكَلَام عَلَى هَذَا الحَدِيث فِي شرح العُمْدة وتخريجي لأحاديث المهذَّب؛ فَسَارِعْ إِلَيْهِ. تَنْبِيه: وَقع لي هَذَا الحَدِيث فِي الْخُلَاصَة عَلَى مَذْهَب أبي حنيفَة عَن معَاذ بدل سعد بن أبي وَقاص، وَهُوَ غلط؛ فاجْتَنِبْهُ. وَوَقع فِي رِوَايَة إِمَام الْحَرَمَيْنِ تَبَعًَا للْقَاضِي حُسَيْن بَعْدَ «وَلَا يَرِثنِي إِلَّا ابْنة وَهِي مِنِّي». وَلم أرَ هَذِه الزيادةَ فِي كتاب حديثٍ. .الحديث الثَّالِث: هَذَا الحَدِيث كَرَّرَه الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب، وَهُوَ يرْوَى من طرق: أَحدهَا: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: «إِن الله تصدَّق عَلَيْكُم عِنْد وفاتكم بِثُلثِ أَمْوَالكُم؛ زِيَادَة لكم فِي أَعمالكُم». رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته وَرَوَاهُ الْبَزَّار أَيْضا فِي مُسْنده وَلَفظه «إِن الله- تبَارك وَتَعَالَى- أَعْطَاكُم عِنْد وفاتكم ثلث أَمْوَالكُم زِيَادَة فِي أَعمالكُم» وَفِي إِسْنَاده طَلْحَة بن عَمرو الْمَكِّيّ رَاوِيه عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد ضَعَّفُوهُ، قَالَ أَحْمد: لَا شَيْء، مَتْرُوك الحَدِيث. ولينَّه الْبَزَّار فَقَالَ: لم يكن بِالْحَافِظِ. ثَانِيهَا: من حَدِيث معَاذ بن جبل مَرْفُوعا: «إِن الله تصدَّق عَلَيْكُم بثُلثِ أَمْوَالكُم عِنْد وفاتكم؛ زِيَادَة لكم فِي حسناتكم، ليجعل لكم زَكَاة فِي أَمْوَالكُم». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه والبيهقيُّ فِي خلافياته من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن عتبَة بن حميد، عَن الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة، عَن معَاذ بِهِ. والْقَاسِم هَذَا هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن، وَفِيه ضَعْفٌ، وإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش ضَعِيف فِي رِوَايَته عَن غير الشاميين، وَهَذَا مِنْ رِوَايَته عَن غَيرهم فِإنه عَن عتبَة بن حميد وهُوَ بَصرِي، مَعَ أَن عتبَة ضعَّفه أحمدُ. ثَالِثهَا: من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا: «إِن الله تصدَّق عَلَيْكُم بِثلث أَمْوَالكُم عِنْد وفاتكم». رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده، وَفِي إِسْنَاده أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم؛ وَفِيه ضعف، يخلط كثيرا، قَالَ ابْن حبَان: رَدِيء الْحِفْظ، لَا يُحْتج بِهِ إِذا انْفَرد. رَابِعهَا: من حَدِيث الْحَارِث بن خَالِد بن عبيد الله السّلمِيّ، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِن الله- عَزَّ وَجَلَّ- أَعْطَاكُم ثلث أَمْوَالكُم عِنْد وفاتكم؛ زِيَادَة فِي أَعمالكُم». رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ، وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة، لَهما من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن عقيل بن مدرك عَن الْحَارِث بِهِ. وعقيل هَذَا شاميٌّ؛ فإسناد هَذَا الحَدِيث إِذن جيد، لَكِن فِي معرفَة الصَّحَابَة لِابْنِ الْأَثِير: خَالِد بن عبيد الله- وَقيل: عبد الله- بن الْحجَّاج السّلمِيّ: مُخْتَلف فِي صحبته، رَوَى عَنهُ الْحَارِث: أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِن الله أَعْطَاكُم عِنْد وفاتكم ثلث أَمْوَالكُم». قَالَ أَبُو عمر: إِسْنَاد حَدِيثه هَذَا لَا تقوم بِهِ حُجَّة؛ لأَنهم مَجْهُولُونَ. وَتَبعهُ الذهبيُّ فِي مُخْتَصره فَقَالَ: خَالِد بن عبيد الله بن الْحجَّاج السّلمِيّ مُخْتَلف فِي صحبته، وَإسْنَاد حَدِيثه واهٍ. خَامِسهَا: من حَدِيث أبي بكر الصدّيق، رِفعه: «إِن الله- عَزَّ وَجَلَّ- قد تصدَّق عَلَيْكُم بِثلث أَمْوَالكُم عِنْد موتكم». رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي تَارِيخ الضُّعَفَاء ثمَّ قَالَ: هَذَا بَاطِل، لَا يُتابع عَلَيْهِ، رَوَاهُ حَفْص بن عُمر بن مَيْمُون رَوَى عَن الْأَئِمَّة البواطيلَ، قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث قد رُوي عَن طَلْحَة بن عَمرو عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة بِهَذَا اللَّفْظ، وَطَلْحَة ضَعِيف. وَأَشَارَ إِلَى الطَّرِيق الأوَّل السالف.
|