الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.(الرَّجُلُ يَهْلَكُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَةً أَقَرَّ بِوَطْئِهَا): قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ لِمَا تَجِيءُ بِهِ النِّسَاءُ أَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْوَلَدُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ، الْوَلَدُ لَهُ لَازِمٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَةٍ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَمْلًا لِذَلِكَ الْوَطْءِ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ الْوَطْءِ. قُلْت: وَهَذَا مُصَدَّقٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. .الْمِدْيَانُ يُقِرُّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ: قَالَ: أَرَاهَا أُمَّ وَلَدِهِ وَلَا يَلْحَقُهَا الدَّيْنُ، وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: إنَّ الدَّيْنَ لَا يَلْحَقُهُنَّ وَلَا يَرُدُّهُنَّ وَلَا يَجْعَلُهُنَّ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُعْتِقُ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ كُلِّهِمْ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي الَّذِي ادَّعَى الْوَلَدَ وَوَرَثَتُهُ عَصَبَةٌ وَالْوَلَدُ لَهُ انْقِطَاعٌ إلَى الْمُدَّعِي وَنَاحِيَةٌ فَالْمُقِرُّ بِالْوَلَدِ وَالدَّيْنُ غَالِبٌ عَلَيْهِ أَوْلَى بِالتُّهْمَةِ لِإِتْلَافِهِ أَمْوَالَ النَّاسِ وَلَكِنَّ اسْتِلْحَاقَ الْوَلَدِ يَقْطَعُ كُلَّ تُهْمَةٍ. وَقَالَ ذَلِكَ بَعْضُ كِبَارِ رُوَاةِ مَالِكٍ مِنْهُمْ أَشْهَبُ: أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا فَالطَّلْقَةُ بَائِنٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ارْتِجَاعُهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ لَمَّا بَانَتْ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ الظَّاهِرِ، فَإِنْ ظَهَرَ بِالْمَرْأَةِ حَمْلٌ فَادَّعَاهُ كَانَ وَلَدَهُ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ بِلَا صَدَاقٍ، وَلَا نِكَاحَ مُبْتَدًى لِاسْتِلْحَاقِهِ الْوَلَدَ فَالْوَلَدُ قَاطِعٌ لِلتُّهَمِ. .فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ فَتَلِدُ وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ فَيَدَّعِيهِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَطَؤُهَا السَّيِّدُ فَتَجِيءُ بِوَلَدٍ: إنَّ الْوَلَدَ وَلَدُ الزَّوْجِ وَلَا يَكُونُ وَلَدَ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا قَدْ اعْتَزَلَهَا بِبَلَدٍ يُعْرَفُ أَنَّ فِي إقَامَتِهِ مَا كَانَ اسْتِبْرَاءً لِرَحِمِهَا فِي طُولِ ذَلِكَ فَالْوَلَدُ يَلْحَقُ بِالسَّيِّدِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا السَّيِّدُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ قَالَ: الْوَلَدُ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَعْزُولًا عَنْهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالسَّيِّدِ لِأَنَّهَا أَمَتُهُ يُدْرَأُ عَنْهُ فِيهَا الْحُدُودُ وَكَذَلِكَ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَعْزُولًا عَنْهَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقِلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَيَفْسُدُ نِكَاحُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالسَّيِّدِ إذَا كَانَ السَّيِّدُ مُقِرًّا بِالْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ. .فِي الرَّجُلِ يَطَأُ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَتَحْمِلُ: قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا يَجْتَمِعُ النَّسَبُ وَالْحَدُّ، فَإِذَا دُرِئَ الْحَدُّ ثَبَتَ النَّسَبُ فَأَرَى فِي مَسْأَلَتِكَ هَذِهِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدْرَأَ الْحَدَّ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ فَإِذَا دُرِئَ الْحَدُّ ثَبَتَ النَّسَبُ. قُلْت: فَهَلْ يَكُونُ لِلْمُكَاتَبِ فِي الِابْنِ الْقِيمَةُ عَلَى أَبِيهِ يَوْمَ حَمَلَتْ وَتَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ أَمْ لَا تَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَتَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتِبِ أَمَةً؟ قَالَ: أَحْسَنُ مَا جَاءَ فِيهِ عِنْدِي أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ حَمَلَتْ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ أَوْ شَرِيكِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا فِي أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَطَأُ جَارِيَةً عَلَى الشَّرِيكِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَلْحَقَ الْوَلَدُ بِهِ وَتَكُونُ أُمُّهُ أَمَةً لِمُكَاتِبِهِ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَيْسَ فِيمَا بَقِيَ عَلَى مُكَاتِبِهِ قَدْرُ قِيمَتِهَا أَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْبَعُ سَيِّدَهُ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ أَمْ تَكُونُ أَمَةً لِلْمُكَاتِبِ وَيُقَاصُّ السَّيِّدَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ وَيُقَاصُّ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا كَفَافًا لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ أُعْتِقَ وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهَا فَضْلٌ رَجَعَ بِذَلِكَ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ وَأُعْتِقَ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَعْجِيلُ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَتْ الْقِيمَةُ مِنْ مَالِهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلشُّبْهَةِ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ لَا يُحِيطُ بِقِيمَتِهَا بِيعَ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قِيمَتُهَا كَانَتْ أُمَّ الْوَلَدِ وَأَعْطَى الْمَكَاتِبُ ذَلِكَ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِمَا بِيعَ مِنْهُ لِتَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَإِنْ أَبَى كَانَ لَهُ الْوُقُوفُ عَلَى كِتَابَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ نِصْفِ الْجَارِيَةِ أَخَذَهُ الْمُكَاتَبُ وَبَقِيَ نِصْفُ الْجَارِيَةِ لِلْمَكَاتِبِ وَنِصْفُهَا بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ وَأُتْبِعَ سَيِّدُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ. .فِي الرَّجُلِ يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَيْهِ جَارِيَةُ ابْنِهِ إذَا وَطِئَهَا حَمَلَتْ أَوْ لَمْ تَحْمِلْ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَهَا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْجَارِيَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ: إذَا وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ حَمَلَتْ إلَّا أَنْ يُحِبَّ الشَّرِيكُ إنْ هِيَ لَمْ تَحْمِلْ أَنْ لَا تُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ فَذَلِكَ لَهُ، وَلَا أَرَى أَنَا الِابْنَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيكِ إذَا هِيَ لَمْ تَحْمِلْ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَالٌ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا وَتُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ لِابْنِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَحِلُّ جَارِيَتُهَا لِزَوْجِهَا أَوْ لِابْنِهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّونَ هُمْ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَقَدْ كَانَ ابْنُهُ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَتُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ. فَقُلْت: فَهَلْ لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ الْأَبِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ وَتَخْرُجُ حُرَّةً وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ الِابْنَ قَدْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْأَبِ فِيهَا الْمُتْعَةُ فَلَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ حَرَامًا عَتَقَتْ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي عَنْهُ بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْأَبَ إنْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ ابْنِهِ أَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ أَمْ مَاذَا يُصْنَعُ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُؤْخَذَ الْقِيمَةُ مِنْ الْأَبِ قِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ فَتُدْفَعُ إلَى الِابْنِ وَتُعْتَقُ الْجَارِيَةُ عَلَى الِابْنِ وَلَا تُعْتَقُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ لِلِابْنِ وَإِنَّمَا أَلْزَمْنَا الْأَبَ الْقِيمَةَ لِلْفَسَادِ الَّذِي أَدْخَلَهُ عَلَى الِابْنِ وَلَا آمُرُ الِابْنَ أَنْ يَطَأَهَا فَإِذَا نَهَيْتُ الِابْنَ عَنْ الْوَطْءِ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْأَبِ أَعْتَقْتُهَا عَلَيْهِ وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. قُلْت: لِمَ حَرَّمْتَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَلَى الِابْنِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ امْرَأَةَ ابْنِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الِابْنِ؟ قَالَ: لَا تُشْبِهُ الْحُرَّةُ فِي هَذَا الْأَمَةَ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ وَطِئَ امْرَأَةَ ابْنِهِ لَرَجَمْتُهُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَإِنْ كَانَ لَمْ يُحْصِنْ بِامْرَأَةٍ قَطُّ حَدَدْتُهُ حَدَّ الْبِكْرِ وَلَسْتُ أَحُدُّهُ فِي أُمِّ وَلَدِ الِابْنِ فَلَمَّا لَمْ أَحُدَّهُ فِي أُمِّ وَلَدِ ابْنِهِ حَرَّمْتُهَا عَلَى الِابْنِ فَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِ الِابْنِ لِأَنَّهَا أَمَةٌ إذَا وَطِئَهَا الْأَبُ دَفَعْتُ عَنْهُ الْحَدَّ وَحَرَّمْتُهَا عَلَى الِابْنِ وَأَلْزَمْتُ الْأَبَ قِيمَتهَا وَأَعْتَقْتُهَا عَلَى الِابْنِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بِوَلَدٍ بَعْدَمَا وَطِئَهَا الْأَبُ. قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ غَائِبًا يَوْمَ وَطِئَهَا الْأَبُ وَقَدْ غَابَ الِابْنُ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْبَةً يُعْلَمُ أَنَّ فِي مِثْلِهَا اسْتَبْرَأَ لِطُولِ مَغِيبِهِ فَالْوَلَدُ وَلَدُ الْأَبِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ غُلَامًا لَهُ أَمَةً لَهُ فَوَطِئَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَعْزُولٍ عَنْهَا فَالْوَلَدُ لِلْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا أَوْ غَائِبًا قَدْ اسْتَيْقَنَ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ بَعْدَهُ وَاسْتَبْرَأَ رَحِمَهَا قَالَ مَالِكٌ: رَأَيْتُ أَنْ يَلْحَقَ الْوَلَدُ بِالسَّيِّدِ وَتُرَدُّ الْجَارِيَةُ إلَى زَوْجِهَا فَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي جَارِيَةِ الِابْنِ. .فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا أَتَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَقَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَتَكُونُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَنَّهُ لِسَيِّدِهَا الَّذِي بَاعَهَا وَأَنَّ الَّذِي اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ يَكُونُ لَهُ فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا تَصِيرُ بِاَلَّذِي وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ، وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ اشْتِرَاءِ الْوَلَدِ امْرَأَتَهُ مِنْ أَبِيهِ وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنِّي لَا أَرَاهَا أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ عَتَقَ عَلَى جَدِّهِ فِي بَطْنِهَا وَإِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ بِمَنْ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا، فَأَمَّا مَا ثَبَتَتْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ يُعْتَقُ عَلَى مَنْ مَلَكَهُ فَاشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ سَيِّدَهَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا فِي بَطْنِهَا وَأَنَّ الْأُمَّةَ الَّتِي لِغَيْرِ أَبِيهِ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجِهَا بَاعَهَا وَكَانَ مَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقًا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت أَمَةً قَدْ كَانَ أَبِي تَزَوَّجَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ أَبِي؟ قَالَ: يُعْتَقُ عَلَيْكَ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَبِيعَهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَا تُعْتَقُ عَلَيْكَ الْأَمَةُ. قُلْت: فَإِنْ رَهِقَنِي دَيْنٌ بَعْدَمَا اشْتَرَيْتهَا أَتُبَاعُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ تُبَاعُ عَلَيْكَ وَتُبَاعُ بِالْوَلَدِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْك إذَا خَرَجَ إلَّا أَنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَبِيعَهَا لِمَا عُقِدَ لِوَلَدِهَا مِنْ الْعِتْقِ بَعْدَ الْخُرُوجِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ بَعْضُ رُوَاةِ مَالِكٍ: لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّ عِتْقَ هَذَا لَيْسَ هُوَ عِتْقَ اقْتِرَافٍ مِنْ السَّيِّدِ إنَّمَا أَعْتَقَتْهُ السُّنَّةُ وَعِتْقُ السُّنَّةِ أَوْكَدُ مِنْ الِاقْتِرَافِ وَأَشَدُّ. قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَيْتهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ أَبِي وَأَبِي حَيٌّ وَهِيَ تَحْتَهُ أَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَبِي بِذَلِكَ الْوَلَدِ وَيُفْسَخَ التَّزْوِيجُ؟ قَالَ: لَا، لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ وَهِيَ أَمَةٌ لِلِابْنِ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا عَتَقَ عَلَى أَخِيهِ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ فِيهَا مِلْكٌ وَتَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ بِمِلْكِ ابْنِهِ إيَّاهَا لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ ابْنِهِ. قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ أَخِي فَاشْتَرَيْتُهَا؟ قَالَ: تَكُونُ هِيَ وَوَلَدُهَا رَقِيقًا لَكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيهِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ فِي الِابْنِ الَّذِي تَزَوَّجَ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا قَدْ عَتَقَ عَلَى جَدِّهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ، وَيُسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لِأَنَّهُ وَضَعَ مِنْ ثَمَنِهَا لَمَّا اسْتَثْنَى وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيَكُونُ لَهَا وَلَدٌ أَمْ لَا يَكُونُ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَا فِي بَطْنِهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا لِأَنَّهُ وَضَعَ مِنْ الثَّمَنِ لِمَكَانِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ عِتْقٌ مَا فِي بَطْنِهَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا يَلْحَقُهُ الرِّقُّ لِأَنَّهُ عِتْقُ سُنَّةٍ وَلَيْسَ هُوَ عِتْقَ اقْتِرَافٍ. .فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ وَمُدَبَّرِهِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَسِيرِ يَتَنَصَّرُ: إنَّهُ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ الْمُرْتَدِّ لَا يُعْتَقْنَ عَلَيْهِ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ مَنْ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ فَلَمَّا كَانَ الْأَسِيرُ إنْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقْسَمْ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ إذَا ارْتَدَّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَسِيرِ الَّذِي تَنَصَّرَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَتَابَ ثُمَّ مَاتَ كَانَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُهُ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى الِارْتِدَادِ كَانَ مَالُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مُدَبَّرُوهُ فَإِنَّهُمْ يُعْتَقُونَ وَلَيْسَ هِيَ وَصِيَّةٌ اسْتَحْدَثَهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ عَقَدَهُ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْقُضَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَلِذَلِكَ جَازَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كُلُّ وَصِيَّةٍ لَوْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ رَدَّهَا فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ إذَا ارْتَدَّ وَكَذَلِكَ الْأَسِيرُ إذَا تَنَصَّرَ وَلَوْ جَازَ لَهُ مَا أَوْصَى بِهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ رَدَّهُ لَجَازَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي ارْتِدَادِهِ وَصِيُّهُ فَهَذَا وَجْهُ مَا سَمِعْتُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُرْتَدَّ إذَا ارْتَدَّ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ أَيَحْرُمْنَ عَلَيْهِ فِي حَالِ ارْتِدَادِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَهَلْ يُعْتَقْنَ عَلَيْهِ إذَا وَقَعَتْ الْحُرْمَةُ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْعِتْقِ وَلَكِنِّي لَا أَرَى أَنْ يُعْتَقْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الَّتِي وَقَعَتْ هَهُنَا مِنْ قَبْلِ ارْتِدَادِهِ لَيْسَتْ كَحُرْمَةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ عِصْمَةٌ تَنْقَطِعُ مِنْهُ بِارْتِدَادِهِ وَهَذِهِ عِصْمَةٌ لَيْسَ لَهَا مِنْ عِصْمَةٍ تَنْقَطِعُ وَهَذِهِ قَدْ تَحِلُّ لَهُ إنْ رَجَعَ عَنْ ارْتِدَادِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَرَاهَا مَوْقُوفَةً إنْ أَسْلَمَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ بِحَالِ مَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ. .فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ تُسْلِمُ: قَالَ: تُعْتَقُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: تُوقَفُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ فَتَحِلُّ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ تُعْتَقَ. قُلْت: وَلَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إنَّمَا كَانَ لَهُ فِيهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِوَطْئِهَا فَلَمَّا أَسْلَمَتْ حَرُمَ فَرْجُهَا عَلَيْهِ فَصَارَتْ حُرَّةً. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ ثُمَّ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ مَكَانَهُ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَتَجْعَلُهَا أُمَّ وَلَدِهِ كَمَا كَانَتْ أَمْ تُعْتِقُهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهَا السُّلْطَانُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا أَسْلَمَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَى فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَتْ إنْ عَقَلَ عَنْهَا وَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهَا حَتَّى أَسْلَمَ سَيِّدُهَا النَّصْرَانِيُّ وَقَدْ طَالَ زَمَانُهَا أَنَّ سَيِّدَهَا أَوْلَى بِهَا إنْ أَسْلَمَ مَا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ بِعِتْقِهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِ ذِمِّيٍّ وَلَدَتْ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا فَأَسْلَمَتْ فَأَعْتَقْتُهَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مَا حَالُ الْوَلَدِ وَهَلْ هُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أُمِّهِمْ إذَا كَانُوا صِغَارًا أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُعْتَقُ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى سَيِّدِهِمْ النَّصْرَانِيِّ إنْ أَسْلَمَ وَأُمُّهُ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ الْوَلَدِ وَلَمْ يُسْلِمْ مَعَهَا أَوْلَادُهَا وَهُمْ كِبَارٌ قَدْ اسْتَغْنَوْا عَنْ أُمِّهِمْ بَلَغُوا الْحُلُمَ أَوْ لَمْ يَبْلُغُوا أَتُعْتِقُهُمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا عِتْقَ لِلْوَلَدِ الْكِبَارِ أَسْلَمُوا مَعَ إسْلَامِ أُمِّهِمْ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَلَا إسْلَامَ لِلْوَلَدِ الصِّغَارِ بِإِسْلَامِ أُمِّهِمْ اسْتَغْنَوْا عَنْهَا أَوْ بَلَغُوا الْإِثْغَارَ أَوْ لَمْ يَبْلُغُوا، وَلَا عِتْقَ لَهُمْ وَلَا لِجَمِيعِ وَلَدِهَا إنْ أَسْلَمُوا إلَّا إلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ إلَّا الْأُمُّ وَحْدَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّ إذَا جَنَتْ أُجْبِرَ سَيِّدُهَا عَلَى افْتِكَاكِهَا وَأَنَّ وَلَدَهَا لَوْ جَنَوْا جِنَايَةً لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى افْتِكَاكِهِمْ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْخِدْمَةَ الَّتِي لَهُ فِيهِمْ فَيَخْتَدِمُهُمْ الْمَجْرُوحُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ جُرْحَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَرْجِعُونَ إلَى سَيِّدِهِمْ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا إسْلَامُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَجَّلَ لَهَا سَيِّدُهَا الْعِتْقَ دُونَ وَلَدِهَا فَلَا عِتْقَ لِوَلَدِهَا إذَا أَسْلَمُوا إلَّا إلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا. وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: الْأَوْلَادُ تَبَعٌ لِلْآبَاءِ فِي الْإِسْلَامِ فِي الْأَحْرَارِ وَقَالَ: فِي أَوْلَادِ الْعَبِيدِ فِي الرِّقِّ أَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأُمَّهَاتِ فِي الرِّقِّ وَلَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ فِي إسْلَامِهِمْ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ لَوْ أَنَّ أَمَةً لِنَصْرَانِيٍّ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ فَأَسْلَمَتْ بِيعَتْ وَمَا مَعَهَا مِنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا. قُلْت: فَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْهَا؟ قَالَ: لَا يُبَاعُ مَعَهَا. قُلْت: وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهَا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؟ قَالَ: إذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا فَلَا أَرَاهُ عِنْدِي مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا بِيعَ مَعَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فَأَمَّا إسْلَامُهُ فَلَا أَرَاهُ مُسْلِمًا إذَا كَانَ أَبُوهُ نَصْرَانِيًّا وَلَا لِسَيِّدِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَعَ أُمِّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مُسْلِمًا إذَا كَرِهَ ذَلِكَ أَبُوهُ. قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا وَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ لَهُ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَتَلِدُ أَوْلَادًا أَتَرَى أَنْ يُكْرِهَ الْأَوْلَادَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُمْ صِغَارٌ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ اسْتِنْكَارًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِسَيِّدِهِمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ النَّصْرَانِيَّ إذَا كَانَ مَوْلَاهُ مُسْلِمًا فَأَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ هَذَا النَّصْرَانِيِّ الْمُكَاتَبِ قَالَ: أَرَى أَنْ تُوقَفَ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَتْ حَالُهُ مِثْلَ حَالِ النَّصْرَانِيِّ يَشْتَرِي الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ أُوقِفَتْ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ كَانَتْ رَقِيقًا وَبِيعَتْ عَلَيْهِ. .أُمُّ الْوَلَدِ يُكَاتِبُهَا سَيِّدُهَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُكَاتِبُهَا سَيِّدُهَا إلَّا بِشَيْءٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا فَأَمَّا أَنْ يُكَاتِبَهَا يَسْتَسْعِيَهَا فِي الْكِتَابَةِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. قُلْت: وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يُعْتِقَهَا عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا قَطُّ. قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ. قُلْت: فَإِنْ فَاتَتْ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ أَتُعْتِقُهَا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ لَا تُرَدَّ فِي الرِّقِّ بَعْدَمَا عَتَقَتْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَاتَبَهَا سَيِّدُهَا عَلَى مَالٍ فَأَدَّتْهُ إلَى السَّيِّدِ فَخَرَجَتْ حُرَّةً أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ فَتَأْخُذُهُ مِنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ أُمَّ وَلَدِهِ؟ قَالَ: لَا تَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا بِشَيْءٍ مِمَّا دَفَعَتْ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ، فَإِذَا مَرِضَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا مِنْهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ الْآنَ لِوَرَثَتِهِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاطِعَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا وَيُعْتِقُهَا، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِمَا أَدَّتْ مِنْ ذَلِكَ إلَى السَّيِّدِ. قُلْت: فَلِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ الْقَطَاعَةَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ يُجَوِّزْ الْكِتَابَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْقِطَاعَةَ كَأَنَّهُ أَخَذَ مَالَهَا وَأَعْتَقَهَا، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا وَلَا يُعْتِقُهَا، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَإِذَا كَاتَبَهَا فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا خِدْمَتَهَا وَرِقَّهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَسْعِيهَا لِأَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِنَّ إنَّمَا فِيهِنَّ الْمُتْعَةُ لِسَادَاتِهِنَّ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا وَلَا يُجْهِدَهَا فِي مِثْلِ اسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَالطَّحِينِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَا يُكَاتِبَهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِأَدَائِهَا الْكِتَابَةَ فَتَكُونُ حُرَّةً. قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَاتَبَهَا سَيِّدُهَا؛ قَالَ: تُفْسَخُ كِتَابَتُهَا وَقَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا كُوتِبَتْ فَأَدَّتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاطِعَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ فَإِذَا كَانَ لَا بَأْسَ بِالْقِطَاعَةِ فَهِيَ إذَا أَدَّتْ حُرَّةً لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي كِتَابَتُهَا ابْتِدَاءً. قَالَ سَحْنُونٌ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَرَادَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَنْ تَتَعَجَّلَ الْعِتْقَ بِأَمْرٍ صَالَحَهَا عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَأَمَّا الْكِتَابَةُ كِتَابَةُ الْمَمْلُوكِ فَلَا، وَلَكِنْ تُصَالِحُ مِنْ ذَاتِ يَدِهَا مَا يُثْبِتُ لَهَا الْعِتْقَ. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ اللَّيْثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِذَلِكَ. قَالَ يَحْيَى: وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَعَلَيْهَا الدَّيْنُ الَّذِي اشْتَرَتْ بِهِ نَفْسَهَا كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهَا تُتْبَعُ بِهِ لِأَنَّهَا اشْتَرَتْ رِقًّا كَانَ عَلَيْهَا تَعَجَّلَتْ الْعِتْقَ بِمَا كُتِبَ عَلَيْهَا وَلَوْ أَنَّهَا كَاتَبَتْ عَلَى كِتَابَةٍ مَعْلُومَةٍ وَنَجَّمَ عَلَيْهَا تِلْكَ الْكِتَابَةَ الشُّهُورَ وَالسِّنِينَ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَتَقَتْ وَبَطَلَ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ الْكِتَابَةِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ سُرِّيَّتَهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْهُ بِمَالٍ تَدْفَعُهُ إلَيْهِ عَلَى عِتْقٍ تَتَعَجَّلُهُ يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ لِبَعْضٍ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهَا وَأَنْكَرَ رَبِيعَةُ أَنْ يُكَاتِبَهَا وَقَالَ: إنْ كَاتَبَهَا مُخَالَفَةً لِشُرُوطِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا. .(فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَجْعَلُهُ عَلَيْهَا دَيْنًا): قُلْت: أَرَأَيْتَ مَنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَجْعَلُهُ عَلَيْهَا دَيْنًا بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا يُكَاتِبَهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا يُكَاتِبَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهَا وَيَجْعَلَ عَلَيْهَا دَيْنًا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَإِذَا كَانَ بِرِضَاهَا فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ عِنْدِي، إنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِدَيْنٍ جَعَلَهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِسَيِّدِهَا الْمَتَاعُ فِيهَا مِثْلُ مَا كَانَ لَهُ فِي الْحُرَّةِ مِنْ الْمَتَاعِ. .فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ يُكَاتِبُهَا ثُمَّ يُسْلِمُ: قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّهُ قَالَ: إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ عَتَقَتْ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ الذِّمِّيَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ: إذَا أَسْلَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَأَرَى هَذِهِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَتَسْقُطُ عَنْهَا الْكِتَابَةُ. .بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ وَعِتْقُهَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عِتْقُكَ عِتْقًا وَيُرَدُّ هَذَا الْبَيْعُ وَتَرْجِعُ إلَى سَيِّدِهَا. قُلْت: لِمَ وَهَذَا الْعِتْقُ آكَدُ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ؟ قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا يُشْبِهُ التَّدْبِيرَ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مِنْ الثُّلُثِ وَأُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ لَهُ فِيهَا الْمُتْعَةَ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ عَلَى كُلِّ حَالِ أُمِّ الْوَلَدِ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِي الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ تُرَدَّ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إلَى مَالِهِ فَيَأْخُذُهُ قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي أَيَكُونُ هَذَا فَوْتًا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا فَوْتًا وَلَا تَكُونُ حُرَّةً وَتُرَدُّ إلَى سَيِّدِهَا. قُلْت: وَإِنْ مَاتَتْ فَذَهَبَ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا مَا يَصْنَعُ بِالثَّمَنِ. قَالَ: يَتْبَعُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ أُمُّ الْوَلَدِ فِي يَدِي الْمُشْتَرِي رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إنَّمَا كَانَ لِسَيِّدِهَا فِيهَا الْمَتَاعُ بِالْوَطْءِ لَا بِغَيْرِهِ وَهِيَ مَعْتُوقَةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى سَيِّدِهَا فَلَا يَأْكُلُ ثَمَنَ حُرَّةٍ. قُلْت: فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ؟ قَالَ: يُرَدُّ الثَّمَنُ إلَى مُشْتَرِيهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَكُونُ ثَمَنُهَا دَيْنًا عَلَى بَائِعِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ مَاتَتْ أَوْ لَمْ تَمُتْ مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ لَمْ يَمُتْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَفْلَسَ أَوْ لَمْ يُفْلِسْ. .الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ يُعْتَقُ وَلَهُ أَمَةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ حَامِلٌ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَكُلَّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ لَمْ تَضَعْهُ، فَإِنَّ مَا وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ وَمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ رَقِيقٌ كُلُّهُمْ لِلسَّيِّدِ وَلَا تَكُونُ بِشَيْءٍ مِنْهُمْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُمْ عَبِيدٌ، وَأَمَّا أُمُّهُمْ فَبِمَنْزِلَةِ مَالِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ تَبِعْهُ مَالُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَمْلِكَ الْعَبْدُ ذَلِكَ الْحَمْلَ الَّذِي فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَهُ فَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ حِينَ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ أَعْتَقَ هُوَ جَارِيَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا عِتْقَ لَهُ فِي جَارِيَتِهِ وَحُدُودُهَا وَحُرْمَتُهَا وَجِرَاحُهَا جِرَاحُ أَمَةٍ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا فَيَأْخُذُهُ سَيِّدُهُ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ إذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا بِالْعِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَهَا بِهِ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ وَلَا تَحْتَاجُ الْجَارِيَةُ هَاهُنَا إلَى أَنْ يُجَدِّدَ لَهَا الْعِتْقَ. قَالَ مَالِكٌ وَنَزَلَ هَذَا بِبَلَدِنَا وَحُكِمَ بِهِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ابْنُ كِنَانَةَ بَعْدَمَا قَالَ لِي هَذَا الْقَوْلَ بِأَعْوَامٍ: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ عَجَّلَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ أَتَرَى وَلَدَهُ يَتْبَعُ الْمُدَبَّرَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهَا إذَا وَضَعَتْهُ كَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ السَّيِّدُ وَالْجَارِيَةُ لِلْعَبْدِ تَبَعٌ لِأَنَّهَا مَالُهُ. قُلْت: وَتَصِيرُ مِلْكًا لَهُ وَلَا تَكُونُ بِهَذَا الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؟ قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا اخْتَلَفَ فِي الْمُكَاتَبِ وَجَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْجَارِيَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِي جَارِيَتِهِ، وَاَلَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا وَلَدَتْهُ فِي التَّدْبِيرِ أَوْ فِي الْكِتَابَةِ. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَوْمَ تُعْتَقُ وَلَدٌ حَيٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ حَيٌّ يَوْمَ تُعْتَقُ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: لَا تَكُونُ أُمُّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ أُمَّ وَلَدٍ إذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ كَانَ لَهُ وَلَدٌ يَوْمَ يُعْتَقُ أَوْ لَا وَلَدَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَالِهِ وَلَيْسَ هِيَ مِثْلُ أُمِّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ كَانَ مَالُهُ مَمْنُوعًا مِنْ سَيِّدِهِ فَبِذَلِكَ افْتَرَقَا وَأُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ أُمُّ وَلَدٍ إذَا أَدَّى وَعَتَقَ. قُلْت: مَا حُجَّةُ مَالِكٍ فِي الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ؟ فَقَالَ الْمُعْتِقُ: هِيَ حُرَّةٌ لِمَ جَعَلَهَا مَالِكٌ فِي جِرَاحِهَا وَحُدُودِهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ وَأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَهِيَ إذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا كَانَتْ حُرَّةً بِاللَّفْظِ الَّذِي أَعْتَقَهَا بِهِ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ. قَالَ: لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً وَمَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ هَذَا أُوقِفَتْ فَلَمْ تَنْفُذْ لَهَا حُرِّيَّتُهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا. قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْهُ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ وَلَا يَدْخُلُ فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُكَاتَبُ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْتُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافًا فِي هَذَا إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْهُ دَخَلَ حَمْلُهَا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ. .فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ يَمُوتُ سَيِّدُهُ فَيُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَرَادَ الْمُدَبَّرُ أَنْ يَبِيعَ أُمَّ وَلَدِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ أَوْ الْمُدَبَّرَ وَلَا وَلَدَ لَهُ يَوْمَ أَعْتَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَرَاهَا أُمَّ وَلَدِهِ بِمَا وَلَدَتْ فِي التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدِهِ لِأَنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَةِ وَالِدِهِمْ فَقَدْ جَرَى فِي وَلَدِهَا مِثْلُ مَا جَرَى فِي أَبِيهِمْ، فَهَذَا يَدُلُّكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي وَلَدِهَا. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ فَعَتَقَ فِي ثُلُثِ مَالِهِ: أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ بِالْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ فِي تَدْبِيرِهِ كَانُوا مَعَهَا يَوْمَ يُعْتَقُ أَبُوهُمْ أَوْ مَاتُوا قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ لِأَنَّهُ جَرَى الْعِتْقُ فِي الْوَلَدِ كَمَا جَرَى فِي الْوَالِدِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا يَجْرِي فِيهَا كَمَا جَرَى فِي وَلَدِهَا. قَالَ سَحْنُونٌ: قَدْ أَعْلَمْتُكَ بِهَذَا الْأَصْلِ قَبْلَ هَذَا. .الْمُدَبَّرُ يَمُوتُ قَبْلَ سَيِّدِهِ فَيَتْرُكُ وَلَدًا وَأُمَّ وَلَدٍ: قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
|