الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***
قلت: أرأيت إن قال داري هذه لك صدقة سكنى؟ قال: فإنما له سكناها صدقة وليس له رقبتها. قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: هذا رأيي. قلت: أرأيت ان قال قد حسبت عبدي هذا عليكما ثم يقول هو للآخر منكما؟ قال: هذا جائز عند مالك وهو للآخر منهما ببيعه ويصنع به ما يشاء لأنه إنما حبس عليهما ما داما حيين فإذا مات أحدهما فهو هبة للآخر ببيعه ويصنع به ما يشاء. قلت: أرأيت ان قلت لرجل قد أسكنتك هذه الدار عقبك من بعدك فمات ومات عقبه من بعده أترجع إلي أم لا؟ قال: نعم ترجع إليك إلا أن ييقول قد حبستها على فلان وعلى عقبه حبسا صدقة فإذا قال ذلك ولم يقل سكنى لك ولولدك فإنه إذا انقرض الرجل وعقبه رجعت إلى أقرب الناس بالمحبس حبسا عليه. قلت: فإن كان المحبس حيا؟ قال: لا ترجع إليه على حال من الحالات ولكن ترجع إلى أقرب الناس منه حبسا عليهم. قلت: رجالا كانوا أو نساء؟ قال: نعم ترجع إلى أولى الناس بميراثه ممن ولده أو عصبته ذكورهم وإناثهم يدخلون في ذلك. قلت: وهذا الذي سألتك عنه من هذه المسائل كلها قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن قال داري هذه حبس على فلان وعقبه من بعده ولم يقل حبسا صدقة ثم مات فلان ومات عقبه من بعده والذي حبس حي أترجع إليه في قول مالك؟ قال: لم أسمع من مالك في هذا شيئا أقوم على حفظه ولكنه إذا قال حبسا فهو بمنزلة قوله حبس صدقة لان الاحباس إنما هي صدقة فلا ترجع إليه ولكن ترجع إلى أولى الناس به بحال ما وصفت لك. قلت: فإن قال هذه الدار لك ولعقبك سكني؟ قال: إذا انقرض هذا الذي جعلت له هذه الدار سكنى ولعقبه وانقرض عقبه رجعت إلى الذي أسكن ان كان حيا يصنع فيها ما يصنع في ماله فإن كان قد مات رجعت ميراثا إلى أولى الناس به يوم مات أو إلى ورثتهم لأنهم هم ورثته وأصل الدار كانت في ماله يوم مات. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن قال حبسا فهلك الذي حبست عليه وهلك عقبه الذين حبست عليهم وقد هلك أيضا الذي حبس ولم يدع إلا ابنة واحدة ولم يترك عصبة؟ قال: إنما قال لنا مالك إذا انقرض الذين حبست عليهم رجعت إلى أولى الناس بالمحبس يوم ترجع عصبته كانوا أو ولد ولده وتكون حبسا على ذوي الحاجة منهم وليس للاغنياء منهم فيها شيء عند مالك. قلت: فإن كانوا ولده؟ قال: فإن كانوا ولده فليس للاغنياء منهم فيها شيء عند مالك وكذلك العصبة وكذلك كل من ترجع إليهم إنما هي لذوي الحاجة منهم. قلت: فإن كان الذين رجعت إليهم الدار ورثة هذا المحبس أغنياء كلهم؟ قال: لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكني أرى أنها تكون لأقرب الناس من هؤلاء الاغنياء إن كانوا فقراء. قلت: أرأيت إن وهبت له عبدا للثواب وفي عينيه بياض أو به صمم فبرأ أتراه فوتا وتلزمه القيمة؟ قال: أراه فوتا. قلت: تحفظه عن مالك؟ قال: الصمم قد سئل مالك عنه فقال أراه عيبا مفسدا فإذا كان عيبا مفسدا فهو إذا ذهب فهو نماء وأما البياض إذا ذهب فلست أشك أنه نماء وتلزمه القيمة. قلت: أرأيت المريض إن وهب عبدا له للثواب أيجوز ذلك أم لا؟ قال: ذلك جائز عند مالك وهذا والبيوع سواء. قلت: فإن باع المريض عبدا فقبضه لمشتري فباعه أو أعتقه وهو عديم لا مال له أيجوز هذا في قول مالك أم لا؟ قال: أما عتقه فلا يجوز عند مالك إلا أن يكون له مال فيجوز وأما بيعه فإني لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى للورثة إن كان الذي وهب له عديما فلهم أن يمنعوا الموهوب له من بيع الهبة حتى يعطيهم قيمتها. قلت: أرأيت إ وهبت لرجل عبدا للثواب فجنى العبد عند الموهوب له جناية أتراه فوتا وتكون القيمة على الموهوب له؟ قال: نعم لأن مالكا قال في النماء والنقصان انه فوت فهذا حين جنى أشد الفوت لأنه قد دخله النقصان. قلت: أرأيت إن وهبت لرجل ناقة للثواب أو بعته ناقة فقلدها أو أشعرها ولم يعطني الثمن ولا مال له؟ قال: قال مالك العتق يرد فهذا أحرى أن يرد وتحل قلائدها وتباع في دين المشتري في البيع وأما في الهبة فإنها ترجع إلى ربها. قلت: أرأيت لو أن رجلا وهب في مرضه لرجل هبة أو تصدق على رجل بصدقة فلم يقبض صدقته الموهوب له ولا المتصدق عليه حتى مات الواهب في مرضه أتجعلها وصية أو هبة أو صدقة غير مقبوضة وتبطلها؟ قال: أجعلها وصية لأن مالكا قال ما تصدق به المريض أو أعتق فهو في ثلثه. قلت: أرأيت ما وهب المريض فبتله في مرضه أو تصدق به فبتله أيقدر الموهوب له أو المتصدق عليه أن يقبض ذلك قبل موت المريض؟ قال: لا يجوز ذلك له وللورثة أن يمنعوه. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم إلا أن تكون له أموال مأمونة مثل ما وصفت لك في الأموال المأمونة فيكون له أن يقبض ذلك وكذلك هذا في العتق ألا ترى أنه يعتق عبده في مرضه فيبتله فإذا كانت له أموال مأمونة من دور أو أرضين تمت حرية العبد مكانه فكذلك الهبة والصدقة. قلت: أرأيت لو أوصي بوصية لرجل فقتل الموصي له الموصى عمدا أتبطل وصيته أم لا؟ قال: أراها تبطل ولا شيء له من الوصية. قلت: أرأيت إن قتلني خطأ فأوصيت له بعد ما ضربني بثلث مالي أو أوصيت له بديتي أو ببعض مالي والثلث يحمل ذلك؟ قال: قال مالك ذلك جائز. قلت: له أليس قد قلت لا وصية لقاتل؟ قال: إنما ذلك إذا كانت الوصية أو لا فقتله بعد الوصية عمدا فلا وصية له لأنه يتهم أن يكون طلب تعجيل ذلك؟ قال: فإن كان قتله خطأ فحملت الوصية ثلث المال غير الدية فذلك جائز له ولا تدخل وصيته في الدية ألا ترى أن الوارث لو قتله خطأ ورث من المال ولم يرث من لدية فكذلك هذا. قلت: أرأيت ان أوصي له بدار والثلث يحمل ذلك فقال الورثة لا نجيز ذلك ولكنا نعطيه ثلث مال الميت حيثما كان؟ قال: ليس ذلك للورثة وله أن يأخذ الدار إذا كان الثلث يحمل الوصية وهذا قول مالك ألا ترى أن الدار لو غرقت حتى تصير بحرا بطلت وصية الموصي له فهذا يدلك على أنه أولى بها. قلت: أرأيت ما كان بين المسلم والنصراني من صدقة أو هبة تصدق بها أحدهما على صاحبه أو وهبها أحدهما لصاحبه أتحكم بينهما بحكم الإسلام في قول مالك؟ قال: قال مالك كل أمر يكون المسلم والنصراني فأرى أن يحكم بينهما بحكم الإسلام فأرى مسألتك بتلك المنزلة. قلت: أرأيت العبد توهب له الهبة يرى أنها للثواب أيكون على العبد الثواب أم لا؟ في قول مالك؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان مثله يثيب ويرى أنه إنما وهبها للثواب فأرى عليه الثواب إذا كان ممن قد خلى سيده بينه وبين التجارة. قلت: أرأيت إن وهب لذي رحم أيكون له أن يرجع في قول مالك؟ قال: قال مالك ليس بين الرجل وامرأته ثواب في الهبة إلا أن يكون يعلم أنها أرادت منه بذلك ثوابا مثل أن يكون الرجل الموسر والمرأة لها الجارية فيطلبها منها فتعطيه إياها يريد بذلك أن يستغزر صلته وعطيته والرجل مثل ذلك يهب الهبة لامرأته أو الابن لابيه يرى أنه إنما أراد بذلك استغزار ما عند أبيه فإذا كان مثل هذا فيما يرى الناس أنه وجه ما طلب بهبته تلك رأيت بينهما الثواب فإن أثابه وإلا رجع كل واحد منهما في هبته فإن لم يكن على وجه ما ذكرت لك فلا ثواب بينهما فعلى هذا فقس ما يرد عليك من هذا. قلت: أرأيت إن وهبت لعمي أو لعمتي أو جدي أو جدتي أو أخي أو بن عمي هبة أو وهبت لقرابتي ممن ليس بيني وبينهم محرم أو لقرابتي ممن بيني وبينهم محرم أيكون لي أن أرجع في هبتي؟ قال: ما وهبت من هبة يعلم أنك إنما وهبتها تريد بها وجه الثواب فإن أثابوك وإلا رجعت في هبتك وما وهبت من هبة يعلم أنك لم ترد بها وجه الثواب فلا ثواب لك مثل أن تكون غنيا فتصل بعض قرابتك الفقراء فتزعم أنك أردت بها الثواب فهذا لا يصدق على ذلك ولا ثواب لك ولا رجعة لك في هبتك؟ قال: وهذا كله قول مالك. قلت: وكذلك هذا في الاجنبيين في قول مالك؟ قال: نعم لو وهب لأجنبي هبة والواهب غني والموهوب له فقير ثم قال بعد ذلك الواهب إنما وهبتها للثواب لم يصدق على ذلك ولم يكن له أن يرجع في هبته وهذا قول مالك؟ قال: وإن كان فقيرا فوهب لغني وقال إنما وهبتها للثواب فإن هذا يصدق ويكون القول قوله فإن إتابه وإلا رد عليه هبته. قلت: أرأيت إن كانا غنيين أو فقيرين فوهب أحدهما لصاحبه هبة ولم يذكر الثواب حين وهب له ثم قال بعد ذلك الواهب إنما وهبتها له للثواب وكذبه الآخر أيكون القول قول الواهب أم لا؟ في قول مالك؟ قال: لا أقوم على حفظ هذا ولكن لا أرى لمن وهب لفقير ثوابا وإن كان فقيرا إذا لم يشترط في أصل الهبة الثواب وأما غني وهب لغني فقال إنما وهبتك للثواب فالقول قول الواهب أن أثيب من هبته وإلا رجع في هبته. قلت: أرأيت هذا الذي وهب الهبة للثواب إذا اشترط الثواب أو يرى أنه إنما أراد الثواب فأثابه الموهوب له أقل من قيمة الهبة؟ قال: قال مالك ان رضي بذلك وإلا أخذ هبته. قلت: فإن أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فأبى أن يرضي والهبة قائمة بعينها عند الموهوب له؟ قال: قال مالك إذا أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فليس للواهب على الهبة سبيل. قلت: فإن كانت الهبة قد تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فأثابه الموهوب له أقل من قيمة الهبة؟ قال: قال مالك إذا تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فالقيمة له لازمة. قلت: لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إذا حبس في سبيل الله فأي سبيل الله؟ قال: قال مالك سبل الله كثيرة ولكن من حبس في سبيل الله شيئا فإنما هو في الغزو. قلت: فالرباط مثل الاسكندرية وما أشبهها من مواحيز أهل الإسلام أهي غزو يجوز لمن حبس في سبيل الله فرسه أو متاعه أن يجعله فيه قول مالك؟ قال: نعم ولقد أتى رجل مالكا وأنا عنده قاعد فسأله عن رجل جعل ماله في سبيل الله أوصى به فأراد وصيه أن يفرقه في جدة فنهاه مالك عن ذلك وقال لا ولكن فرقه في السواحل قال ابن القاسم يريد سواحل الشام ومصر. قلت: وما بال جده أليست ساحلا؟ قال: ضعفها مالك. فقيل: لمالك أنهم قد نزلوا؟ قال: فقال مالك إذا كان ذلك شيئا خفيفا. فضعف مالك ذلك؟ قال: ولقد سأله قوم وأنا عنده قاعد أنه كان من دهلك ما كان وكانوا قوما قد تجهزوا يريدون الغزو إلى عسقلان والاسكندرية أو بعض هذه السواحل فاستشاروه أن ينصرفوا إلى جدة فنهاهم عن ذلك وقال لهم الحقوا بالسواحل قال ابن وهب قال يونس قال ربيعة كل ما جعل صدقة حبسا أو حبس ولم تسم فيه صدقة فهو كله صدقة تنفذ في مواضع الصدقة وعلى وجه ما ينتفع بذلك فيه ان كانت دواب ففي الجهاد وان كانت غلة أموال فعلى منزلة ما يرى الوالي من وجه الصدقة قال ابن القاسم وسئل مالك عن رجل أوصي بوصية وأوصى فيها بأمور فكان فيما أوصي به أن قال داري حبس ولم يجعل لها مخرجا فلا ندري أكان ذلك منه نسيانا أو جهل الشهود أن يذكروه ذلك فقال مالك أراها حبسا في الفقراء والمساكين. فقيل: له فإنها بالاسكندرية وجل ما يحبس الناس بها في سبيل الله؟ قال: ينظر في ذلك ويجتهد فيه فيما يرى الوالي وأرجو أن تكون له سعة في ذلك إن شاء الله تعالى. قلت: أرأيت إن حبس رقيقا له في سبيل الله أتراهم حبسا؟ قال: نعم. قلت: وما يصنع بهم؟ قال: يستعملون في سبيل الله. قلت: ولا يباعون؟ قال: لا. قلت: تحفظه عن مالك؟ قال: لا أقوم على حفظه... قلت: أرأيت الثياب هل يجوز أن يحبسها رجل على قوم بأعيانهم وعلى المساكين أو في سبيل الله في قول مالك؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا أن يحبس الرجل الثياب والسروج. قلت: أرأيت ما ضعف من الدواب المحبسة في سبيل الله أو بلي من الثياب كيف يصنع بها في قول مالك؟ قال: قال مالك أما ما ضعف من الدواب حتى لا يكون فيه قوة للغزو فإنه يباع ويشتري بثمنه غيره من الخيل فيجعل في سبيل الله قال ابن القاسم فإن لم يكن في ثمنه ما يشتري به فرس أو هجين أو برذون رأيت أن يعان به في ثمن فرس والثياب ان لم تكن فيها منفعة بيعت واشترى بثمنها ثياب ينتفع بها وإن لم يكن في ثمنها ما يشتري به شيء ينتفع به فرق في سبيل الله قال ابن وهب وسمعت مالكا يقول في الفرس المحبس في سبيل الله إذا كلب وخبث أنه لا بأس أن يباع ويشتري فرس مكانه قال سحنون وقد روي غيره أن ما جعل في سبيل الله من العبيد والثياب لا تباع؟ قال: ولو بيعت لبيع الربع المحبس إذا خيف عليه الخراب وهذه جل الاحباس قد خربت فلا شيء أدل على سنتها منها ألا ترى أنه لو كان البي يجوز فيها لما أغفله من مضي ولكن بقاؤه خرابا دليل على أن بيعه غير مستقيم وبحسبك حجة في أمر قد كان متقادما بأن تأخذ منه ما جرى منه فالاحباس قديمة ولم تزل وجل ما يوجد منها بالذي به لم يزل يجري عليه فهو دليلها فبقاء هذه خرابا دليل على أن البيع فيها غير مستقيم لأنه لو استقام لما أخطأ من مضي من صدر هذه الأمة وما جهله من لم يعمل به حتى تركت خرابا وإن كان قد روي عن ربيعة خلاف لهذا في الرباع والحيوان إذا رأى الإمام ذلك. ابن وهب: عن الليث أنه سمع يحيى بن سعيد يسئل فرس حبس دفعت إلى رجل فباعها قال يحيى لم يكن ينبغي له أن يحدث فيها شيئا غير الذي جعلت له فيه إلا أن يخاف ضعفها وتقصيرها فلعل ذلك يخفف بيعها ثم يشتري مكانها فرسا تكون بمنزلتها حبسا. قلت: أرأيت إن حبس رقيقا له في سبيل الله أتراهم حبسا؟ قال: نعم. قلت: وما يصنع بهم؟ قال: يستعملون في سبيل الله. قلت: ولا يباعون؟ قال: لا. قلت: تحفظه عن مالك؟ قال: لا أقوم على حفظه. قلت: أرأيت من حبس الخيل فلم ينفذها ولم يخرجها من يديه إلى أحد حتى مات أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال: لا يجوز هذا وهي ميراث كذلك قال مالك؟ قال: وقال مالك في السلاح أيضا إذا حبسه وهو صحيح ولم ينفذه بحال ما وصفت لك ولم يخرجه من يديه حتى يموت فهو ميراث بين الورثة؟ قال: مالك وإذا حبس سلاحا كان يخرج ويرجع إليه فهو جائز وما لم يكن كذلك لم يخرجه حتى مات فهو ميراث وان أخرج بعضه فأنفذه وبقي بعضه فما أخرج منه فهو جائز وما لم يخرج منه فهو ميراث قال ابن القاسم وقد قال مالك من حبس حبسا من عرض أو حيوان في سبيل الله ثم وليه حتى مات ولم يوجهه في الوجوه التي يسمى غير أنه كان يقوم عليه ويليه حتى مات قال أما كل حبس له غلة فإنه إن وليه حتى مات وهو في يديه رأيته ردا في الميراث لأنه لو شاء رجل لانطلق إلى ماله فحبسه وأكل غلته فإذا جاء الموت قال قد كنت حبسته ليمنعه من الوارث فلا أرى أن يجوز مثل هذا من الاحباس حتى يستخلف عليها الذي حبسها رجلا غيره ويتبرأ إليه منها. وأما كل حبس لا غلة له مثل السلاح والخيل وأشباه ذلك فإنه إذا وجهه في تلك الوجوه التي سمي وأعمله فيها فقد جاز وإن كان يليه حتى مات وهو من رأس المال وإن لم يكن وجهه في شيء من تلك الوجوه فلا أراه إلا غير جائز. قال: وقال مالك في الرجل يحبس الحبس على الرجل وعقبه أو عليه وعلى ولده وولد ولده أو يقول رجل هذه الدار حبس على ولدي ولم يجعل لها مرجعا بعدهم فانقرضوا إن هذا الحبس موقوف ولا يباع ولا يوهب ويرجع إلى أولى الناس بالمحبس يكون حبسا قال ابن القاسم قال مالك إذا تصدق الرجل بدار له على رجل وولده ما عاشوا ولم يذكر لها مرجعا إلا صدقة هكذا لا شرط فيه فيهلك الرجل وولده؟ قال: أرى أن ترجع حبسا على أقاربه في المساكين ولا تورث. ابن وهب: عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال من حبس دارا أو تصدق بها قال الحبس والصدقة عندنا بمنزلة واحدة فإن كان صاحب ذلك الذي حبس الدار لم يسم شيئا فإنها لا تباع ولا تورث يسكنها الأقرب فالأقرب به قال سحنون وقد قال بعض رجال مالك كل حبس أو صدقة على مجهول من يأتي فهو الحبس الموقوف مثل أن يقول على ولدي ولم يسمهم فهذا مجهول ألا ترى أن من يحدث من ولده بعد هذا القول يدخل فيه وكذلك لو قال على ولدي وعلى من يحدث لي بعدهم فهذا أيضا على مجهول من يأتي وإذا سمى فإنما هم قوم بأعيانهم وقد فسرنا ذلك قال ابن وهب وقال بعض من مضى من أهل العلم إذا تصدق الرجل على الرجل وعلى عقبه من بعده فهو الحبس الذي لا يباع ولا يوهب يحوزه صاحبه حياته فإذا مات كان الحبس لعقبه ثم لعقب عقبه ما بقي منهم أحد ثم يرجع إذا انقرض العقب إلى ما سمى المتصدق بها وسبلها عليه (وقال) رجال من أهل العلم منهم ربيعة إذا تصدق الرجل على جماعة من الناس لا يدري كم عدتهم ولم يسمهم بأسمائهم فهي بمنزلة الحبس وقال ربيعة والصدقة الموقوفة التي تباع إذا شاء صاحبها إذا تصدق بها الرجل على الرجل أو الثلاثة أو أكثر من ذلك إذا سماهم بأعيانهم ومعناه ما عاشوا ولم يذكر عقبا فهذه الموقوفة التي يبيعها صاحبها إن شاء إذا رجعت إليه. قلت: لابن القاسم أرأيت الرجل يقول داري هذه حبس على فلان وعلى عقبه من بعده ولم يقل صدقة فهي حبس كما يقول صقة قال أصل قوله الذي رأيناه يذهب إليه أنه إذا قال حبسا ولم يقل صدقة فهي حبس إذا كانت على غير قوم بأعيانهم وإذا كانت على قوم بأعيانهم فقد اختلف فيه قوله قد كان يقول إذا قال حبسا على قوم بأعيانهم ولم يقل صدقة أو قال حبسا ولم يقل لا تباع ولا توهب فهذه ترجع إلى الذي حبسها إذا كان حيا أو إلى ورثته الذين يرثونه فتكون مالا لهم وق؟ قال لا ترجع إليه ولكنها تكون محبسة بمنزلة الذي يقول لا تباع وأما إن قال حبسا لا تباع أو قال حبسا صدقة وإن كانوا قوما بأعيانهم فهذه الموقوفة التي ترجع بعد موت المحبس عليه إلى أقرب الناس بالمحبس ولا ترجع إلى المحبس وإن كان حيا وهو الذي يقول أكثر الرواة عن مالك وعليه يعتمدون ولم يختلف قوله في هذا قط إذا قال حبسا صدقة أو قال حبسا لا تباع وإن كانوا قوما بأعيانهم إنما الموقوفة التي ترجع إلى أقرب الناس بالمحبس إن كان ميتا أو كان حيا ولا ترجع إلى المحبس على حال (عبد الله بن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال يقال لو أن رجلا حبس حبسا على أحد لم يقل لك ولعقبك من بعدك فإنها ترجع إليه فإن مات قبل الذين حبس عليهم الحبس ثم ماتوا كلهم أهل الحبس فإنها ترجع ميراثا بين ورثة الرجل الذي حبسها على كتاب الله. ابن وهب: عن يونس عن ربيعة أنه قال من حبس داره على ولده وولد غيره فجعلها حبسا فهي حبس عليهم يسكنونها على مرافقهم فإن انقرضوا أخذها ولاته دون ولاة من كان ضم مع ولده إذا كانوا ولد ولد أو غيرهم؟ قال: قال ربيعة وكل منهم حبس دارا على ولده فأولادهم بمنزلة الولد والذي يحدث منهم بمنزلة من كان يوم تصدق إلا أن يأخذ قوم بفضل أثره وكثره عيال في سعة المساكين وقوة المرافق ليس بينهم أثرة إلا بتفضيل حق يرى (وأخبرني) يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الرجل يترك المال حبسا على ولده ثم يموت بعض ولده من صلبه وله ولد قال ربيعة تلك الصدقة والحبس الذي يجري فيها الولد وولد الولد تكون قائمة لا تباع وأما ما ذكرت من ولد الولد مع الولد فإنما يقع فيه الاجتهاد يكون في المال فلا يحصى وذلك الولد مع أعمامهم يكون المال قليلا مستوفي فتكون الأعمام أحق به من ولد أخيهم ويكون العسر واليسر فينظر الناس في ذلك كله وقال يحيى بن سعيد من حبس داره على ولده فهي على ولده وولد ولده ذكورهم وإناثهم إلا أن ولده أولى من ولد ولده ما عاشوا إلا أن يكون فضل فيكون لولد الولد فذلك حق لحاجتهم (وقال) يحيى بن سعيد من حبس داره على ولده وولد ولده فهي على ما وضعها عليه إلا أن يبدأ بولده قبل ولد ولده وليس لولد البنات فيها حق (وقال) مالك من قال حبسا على ولدي فإن ولد الولد يدخلون مع الآباء ويرثون الآباء فإن قال ولدي وولد ولدي دخلوا أيضا وبدىء بالولد وكان لهم الفضل إن كان فضل قال سحنون وكان المغيرة وغيره يسوي بينهم وقال مالك ليس لولد البنات شيء إذا قال الرجل هذه الدار حبس على ولدي فهي لولده وولد ولده وليس لولد البنات شيء قال الله تبارك وتعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فاجتمع الناس أنه لا يقسم لولد البنات شيء من الميراث إذا لم يكن له بنات لصلبه وإن بني البنين الذكور والإناث يقسم لهم الميراث ويحجبون من يحجبه من كان فوقهم إذا لم يكن فوقهم أحد. ابن وهب: عن يونس بن يزيد أنه سأل أبا الزناد عن رجل حبس على رجل وولده ما عاشوا حبسا لا يباع ولا يوهب ولا يورث فقال أبو الزناد هي على ما وضعها عليه ما بقي منهم أحد فإن انقرضوا صارت إلى ولاة الذي حبس وتصدق (وقال) ربيعة وبن شهاب ويحيى بن سعيد ان الحبس إذا رجع إنما يرجع إلى ولاة الذي حبس وتصدق. قلت: أرأيت لو أن رجلا حبس في مرضه على ولده وولد ولده دارا والثلث يحملها وهلك وترك زوجته وأمه وولده وولد ولده؟ قال: تقسم الدار على عدد الولد وعلى عدد ولد الولد فما صار لولد الأعيان دخلت معهم الأم والزوجة فكان ذلك بينهم على فرائض الله تعالى حتى إذا انقرض ولد الأعيان رجعت الدار كلها على ولد الولد. قلت: فإن انقرض واحد من ولد الأعيان؟ قال: يقسم نصيبه على من بقي من ولد الأعيان وعلى ولد الولد لأنهم هم الذين حبس عليهم ثم تدخل الأم والزوجة وورثة الميت من ولد الأعيان في الذي أصاب ولد الأعيان من ذلك على فرائض الله. قلت: فإن هلكت الأم أو الزوجة أو هلكتا جميعا أيدخل ورثتهما في حظوظهما ما دام أحد من ولد الأعيان حيا؟ قال: نعم قال وهذا قول مالك. قلت: أرأيت ان انقرضت الأم والزوجة أولا أيدخل ورثتهما مكانهما؟ قال: نعم. قلت: فإن انقرض واحد من ولد الأعيان بعد ذلك؟ قال: يقسم نصيبه على ولد الولد وعلى من بقي من ولد الأعيان ويرجع من بقي من ورثة الهالك من ولد الأعيان وورثة الزوجة وورثة الأم في الذي أصاب ولد الأعيان فيكون بينهم على فرائض الله فإن مات ورثة الزوجة والأم وبقي ورثة ورثتهم؟ قال: يدخل في ذلك ورثة ورثتهم أبدا ما بقي من ولد الأعيان أحد بحال ما وصفت لك. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: هذا قوله. قلت: فإن انقرض ولد الولد رجعت حبسا على أولي الناس بالمحبس في قول مالك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يحبس داره على رجل وعلى ولده وولد ولده ويشترط على الذي يحبس عليه ان ما احتاجت الدار من مرمة فعلى المحبس عليه أن ينفق في مرمتها من ماله؟ قال: لا يصلح ذلك وهذا كراء وليس بحبس. قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: لا إلا أن مالكا قال في الفرس يحبس على الرجل ويشترط علي المحبس عليه حبسه سنة وحلفه فيها قال مالك لا خير فيه وقال أرأيت ان هلك قبل أن تستكمل السنة كيف يصنع أيذهب علفه باطلا. قلت: فما يصنع أيجعل الفرس والدار حبسا إذا وقع مثل هذا الشرط أم يبطل؟ قال: لا أدري إلا أن مالكا قال لي في الفرس لا خير فيه ووجه كراهية ذلك عنده أنه غرر وقال أرأيت لو مات قبل السنة أكان تذهب نفقته قال مالك في الرجل يبيع عبده على أنه مدبر على المشتري أنه لا خير فيه قال ابن القاسم وأنا أرى أنه يجوز تدبيره لأنه بيع قد فات بالتدبير ويرجع البائع على المشتري بتمام الثمن إن كان البائع هضم له من الثمن لذلك شيئا وهذا قول مالك في التدبير فأرى في الفرس أن يخير صاحبه الذي حبسه فإن أحب ان لم يفت الاجل أن يضع الشرط ويبتله لصاحبه فعل أو يدفع إليه ما أنفق ويأخذ فرسه وإن فات الاجل لم أر أن يرد وكان للذي بتل له بعد السنة بغير قيمة. وأرى في الدار أن تكون حبسا على ما جعل ولا تلزمه المرمة وتكون مرمتها من غلتها لأنها فاتت في سبيل الله ولا يشبهه البيوع إلا أن ذلك يكرهه مالك له. قال ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح أن محمد بن عبد الرحمن القرشي أخبره قال حبس عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله التيمي دورهم (وأخبرني) غيره من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص وغيرهم مثله؟ قال: سعيد بن عبد الرحمن وغيره عن هشام بن عروة ان الزبير بن العوام قال في صدقته على بنيه لاتباع ولا تورث وان للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضار بها. ابن وهب: عن يزيد بن عياض عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز كتب له أن يفحص له عن الصدقات وكيف كانت أول ما كانت؟ قال: فكتبت إليه أذكر له صدقة عبد الله بن زيد وأبي طلحة وأبي الدحداحة وكتبت إليه أذكر له أن عمرة ابنة عبد الرحمن ذكرت لي عن عائشة أنها كانت إذا ذكرت صدقات الناس اليوم وإخراج الرجال بناتهم منها تقول ما وجدت للناس مثلا اليوم في صدقاتهم إلا ما قال الله وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء قالت والله أنه ليتصدق الرجل بالصدقة العظيمة على ابنته فترى غضارة صدقته عليها وترى ابنته الأخرى وأنه لتعرف عليها الخصاصة لما حرمها من صدقته وإن عمر بن عبد العزيز مات حين مات وأنه ليريد أن يرد صدقات الناس التي أخرجوا منها النساء وأن مالكا ذكر لي أن عبد الله بن عمرو وزيد بن ثابت حبسا على أولادهما دورهما وأنهما سكنا في بعضها فهذا يدل على قول عائشة أن الصدقات فيما مضى إنما كانت على البنين والبنات حتى أحدث الناس اخراج البنات وما كان من عزم عمر بن عبد العزيز على أن يرد ما أخرجوا منه البنات يدل على أن عمر ثبت عنده أن الصدقات كانت على البنين والبنات قال مالك من حبس على ولده دارا فسكنها بعضهم ولا يجد بعضهم فيها سكنا فيقول الذين لم يجدوا منهم سكنا أعطوني من الكراء بحساب حقي؟ قال: لا أرى ذلك له ولا أرى أن يخرج أحد لأحد ولكن إن غاب أحد أو مات سكن فيه وهكذا حبس بن عمر وزيد بن ثابت لا يخرج أحد لأحد ولا يعطى من لم يجد مسكنا كراء قال ابن القاسم قال مالك ان غاب أي ان كان يريد المقام في الموضع الذي غاب إليه وأما إن كان رجلا يريد أن يسافر إلى موضع ليرجع فهو على حقه (وقال) علي بن زياد في روايته ان غاب مسجلا ولم يذكر ما قال ابن القاسم. ابن وهب: عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في صدقة الرباع لا يخرج أحد من أهل الصدقة عن أحد إلا أن يكون عنده فضل من المساكن (وسئل) مالك عن رجل حبس على ولده حبسا وعلى أعقابهم وليس له يومئذ عقب فأنفذه لهم في صحته ثم هلك بعد ذلك وهلك ولده فبقي بنو بنيه وبنو بني بنيه هل لبني بني بنيه مع آبائهم في الحبس شيء؟ قال: أرى أن يعطي بنو بني بنيه من الحبس كما يعطى بنو بنيه إذا كانوا مثلهم في الحال والحاجة والمؤنة إلا أن الأولاد ما داموا صغارا لم يبلغوا ولم يتزوجوا ولم تكن لهم مؤنة فإنما يعطي الأب بقدر ما يمون ومن بلغ منهم حتى يتزوج وتكون حاجته ومؤنته مثل البنين فهم فيه شرعا سواء إذا كان موضعا وإن كانوا صغارا فإنه لا يقسم لهم ويعطى آباؤهم على قدر عيالهم. قلت: أرأيت لو أن رجلا حبس دارا له على ولده وولد ولده ثم إن أحد البنين بنى في الدار بناء أو أدخل خشبة في بناء الدار أو أصلح فيها بيتا ثم مات ولم يذكر لما أدخل في الدار ذكرا؟ قال: قال مالك لا أرى لورثته فيها شيئا. قلت: فإن كان قد ذكر الخشبة التي أدخل فيها أو ما أصلح فقال خذوه فهو لورثتي أو أوصي به أيكون ذلك له؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا وذلك له. قلت: فإن كان قد بني بنيانا كثيرا ثم مات ولم يذكر ذلك؟ قال: الذي أخبرتك عن مالك أنه قال إذا بني وأدخل خشبة وأرى مالكا قد ذكر البناء وذلك كله عندي سواء وقد قال المخزومي ولا يكون من ذلك محرما ولا صدقة إلا الشيء اليسير من الستور وأشباهها من الميازيب ومما لا يعظم خطره ولا قدره وأما البناء الذي له القدر فهو مال من ماله يباع في دينه ويأخذه ورثته. قلت: أرأيت إن حبس رجل حائطه على المساكين في مرضه ولم يخرج من يديه حتى مات أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال: نعم إذا كان الثلث يحمله لأن هذه وصية كأنه قال إذا مت فحائطي على المساكين حبس عليهم تجري عليهم غلتها ولأن كل فعل فعله في مرضه من بت صدقة أو بت عتق ليس يحتاج فيه إلى أن يقبض من يديه ولأنه لو قبض من يديه كان موقوفا لا يجوز لمن قبضه أكل غلته إن كانت له ولا أكله إن كان مما يؤكل حتى يموت فيكون في الثلث أو يصح فينفذ البتل كله وإن كان لرجل بعينه أو كان للمساكين أو في سبيل الله أمر بانفاذ ذلك وإن فعل الصحيح ليس يجوز منه إلا ما قبض وحيز قبل أن يموت المتصدق أو يفلس وقد كان له قول في فعل المريض إذا كانت له أموال مأمونة. قلت: أرأيت من حبس نخل حائطه أو تصدق بها على المساكين في الصحة فلم يخرجها من يديه حتى مات؟ قال: لا يجوز لأن هذا غير وصية فإذا كان غير وصية لم يجز إلا أن يخرجها من يديه قبل أن يموت أو يوصي بانفاذها في مرضه فتكون من الثلث. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم؟ قال: ومن تصدق بصدقة أو وهب هبة على من يقبض لنفسه فلم يقبضها حتى مرض المتصدق أو الواهب كان المتصدق عليه وارثا أو غير وارث لم يجز له قبضها وكانت مال الوارث وكذلك العطايا والنحل قال ابن وهب ألا ترى أن الحارث بن نبهان ذكر عن محمد بن عبد الله عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب ومحمد بن عبيد الله عن بن أبي مليكة وعطاء بن أبي رباح أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس قالوا لا تجوز صدقة حتى تقبض وقال شريح ومسروق لا تجوز صدقة إلا مقبوضة ذكره أشهل وان يونس ذكر عن بن وهب أنه قال ما تصدق به وهو صحيح فلم يقبضه من تصدق به عليه إلا أن يكون صغيرا فهو للورثة ولا تجوز صدقة إلا بقبض وإن مالكا ويونس بن يزيد ذكرا عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان أنه قال من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحله فأعلن بها وأشهد عليها فهي جائزة وإن وليها أبوه. ابن وهب: وان رجالا من أهل العلم ذكروا عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وشريح الكندي وبن شهاب وربيعة وبكير بن الأشج مثله وقال شريح هو أحق من وليه وان مالك بن أنس ويونس بن يزيد ذكرا عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبدا القارئ عن عمر بن الخطاب أنه قال ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها فإن مات بن أحدهم قال مالي بيدي لم أعطه أحدا وان مات هو قال هو لابني قد كنت أعطيته إياه من نحل نحله ثم لم يحزها الذي نحلها حتى تكون ان مات لوارثه فهو باطل أولا ترى أن أبا بكر الصديق نحل عائشة ابنته أحدا وعشرين وسقا فلم تقبض ذلك حتى حضرت أبا بكر الوفاة فلم يجز لها ذلك وإنما أبطل عمر النحل التي لم تقبض في الكبير الذي مثله يقبض ألا ترى أنه جوزه للصغير وجعل الأب قابضا. ابن وهب: عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن أبي طالب قال المواهب ثلاثة موهبة يراد بها وجه الله وموهبة يراد بها الثواب وموهبة يراد بها وجه الناس فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يثب. ابن وهب: قال عمر بن الخطاب من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض منها ذكره مالك وان سعيد بن المسيب ذكر عن عمر بن الخطاب قال من وهب هبة لوجه الله فذلك له ومن وهب هبة يريد ثوابها فإنه يرجع فيها إذا لم يرض منها ذكره أيضا مالك. قلت: أرأيت إذا حبس غلة دار له على المساكين فكانت في يديه يخرج غلتها كل عام فيعطيها المساكين حتى مات وهي في يديه أتكون غلتها للمساكين بعد موته أو تكون ميراثا؟ قال: قال مالك إذا كانت في يديه حتى يموت لم يخرجها من يديه حتى يموت فهي ميراث وان كان يقسم غلتها إلا أن مالكا قال لنا في الخيل والسلاح انه مخالف للدور والأرضين إذا كان له خيل وسلاح قد جعلها في سبيل الله فكان يعطي الخيل يغزى عليها أيام غزوها فإذا قفلت ردت إليه فقام عليها وعلفها والسلاح مثل ذلك قال مالك إذا أنفذها في حياته هكذا وان كانت ترجع إليه عند القفل فأراها من رأس المال وهي جائزة ولا يشبه هذا عندي النخل ولا الدور ولا الارضين. قلت: أرأيت ان حبست ثمرة حائطي على رجل بعينه حياته فأخذ النخل فكان يأكل ثمرتها ثم ان المحبس عليه مات وفي رؤوس النخل ثمر لم يبد صلاحه لمن تكون الثمرة الورثة المحبس عليه أم لورثة رب النخل؟ قال: سئل مالك عن رجل حبس حائطا له على قوم بأعيانهم فكانوا يسقون ويقومون على النخل فمات بعضهم وفي رؤوس النخل ثمر لم يبد صلاحه وقد أبرت؟ قال: قال مالك أراها للذين بقوا منهم يتقوون به على سقيه وعمله وليس لمن مات منهم فيها شيء ولو طابت الثمرة قبل أن يموت أحد كان حق من مات منهم فيها ثابتا يرثه ورثته فمسألتك مثل هذا ان مات المحبس عليه قبل أن تطيب الثمرة فهي ترجع إلى المحبس وان مات بعد ما تطيب الثمرة كانت لورثة الميت المحبس عليه وقال بعض الرواة هذا إذا كانت صدقة محبسة وهم يلون عملها؟ قال: ولقد سئل مالك عنها غير مرة ونزلت بالمدينة فقال مثل ما أخبرتك وإن كانت ثمرة تقسم غلتها فقط وليسوا يلون عملها فنصيب من مات منهم رد على صاحبه المحبس قال ابن القاسم وقد كان مالك رجع فقال يكون على من بقي وليس يرجع نصيب من مات إلى المحبس (وروى) الرواة كلهم عن مالك بن القاسم وبن وهب وبن نافع وعلي بن زياد والمخزومي وأشهب أنه قال من حبس غلة دار أو ثمرة حائط أو خراج غلام على جماعة قوم بأعيانهم فإنه من مات منهم رجع نصيبه إلى الذي حبس لأن هذا مما يقسم عليهم وان كانت دارا لا يسكنها غيرهم أو عبدا يخدم جميعهم فمن مات منهم فنصيبه رد على من بقي منهم لأن سكناهم الدار سكنى واحد واستخدامهم العبد كذلك قال سحنون فثبت الرواة كلهم عن مالك على هذا وقاله المخزومي فيما يقسم وفيما لا يقسم على ما وصفنا إلا بن القاسم فإنه أخذ برجوع مالك في هذا بعينه فقال يرجع على من بقي كان يقسم أو لا يقسم وما اجتمعوا عليه أحج إن شاء الله وقال بعضهم وإن مات منهم ميت والنمر قد أبر فحقه فيها ثابت قاله غير واحد من الرواة. قلت: أرأيت لو أن رجلا أسكن رجلا منزله سنين معلومة أو حياته على أن عليه مرمته أيجوز هذا في قول مالك؟ قال: لا لأن هذا قد صار كراء غير معلوم. قال: وسئل مالك عن رجل أعطى رجلا دارا له على أن ينفق على الرجل حياته؟ قال: مالك ما استغلها فذلك له وترد الدار على صاحبها والغلة له بالضمان وما أنفق على الرجل غرمه الرجل له وأخذ داره. قلت: أرأيت لو أن رجلا تصدق على رجل بدار فلم يقبض المتصدق عليه حتى باعها المتصدق ما قول مالك في ذلك؟ قال: قال مالك إذا كان الذي تصدق بها عليه قد علم بصدقته فلم يقبضها حتى باعها المتصدق نفذ البيع ولم يرد وكان له الثمن يأخذه وان كان لم يعلم فالبيع مردود إذا كان الذي تصدق بها حيا والمتصدق عليه أولى بالدار وان مات المتصدق قبل أن يعلم الذي تصدق بها عليه فلا شيء له ولا يرد البيع لأنه لو لم يبعها حتى مات ولم يعلم الذي تصدق بها عليه لم يكن له شيء وقال أشهب ليس للمتصدق عليه شيء إذا خرجت من ملك المتصدق بوجه من الوجوه وحيزت عليه. قلت: أرأيت كل هبة أو عطية أو صدقة في المرض فلم يقبضها الموهوب له ولا المعطي ولا المتصدق عليه حتى مات الواهب من مرضه ذلك أتكون هذه وصية أم تكون هبة أو عطية أو صدقة لم يقبضها صاحبها حتى مات الواهب فتبطل وتصير لورثة الواهب؟ قال: قال مالك هي وصية قال مالك وكل ما كان مثل هذا مما ذكرت في المرض فإنما هي وصية من الثلث قال سحنون وقد بينا هذا في الرسم الذي قبله. قلت: أرأيت المريض إذا بتل هبته أو عطيته أو صدقته في مرضه وقبضها الموهوب له فأراد المريض أن يرجع فيها بعد ما قبضها الموهوب له أيكون ذلك له في قول مالك؟ قال: قال مالك ليس له أن يرجع فيها بعد ما قبضها الموهوب له ولكن لورثته أن يأخذوها ويوقفوها إلا أن يكون له مال مأمون من العقار بحال ما وصفت لك قلت لا يكون له أن يرجع فيها وأنت تجعلها وصية؟ قال: لأنه بتل شيئا وليس له أن يبتل على الورثة أكثر من ثلثه وليس له أن يرجع في الثلث الذي بتله في مرضه لأنه لو صح لم يستطع الرجوع في ذلك. قلت: ولا يكون للذي وهبت له الهبة في المرض أن يقبض هبته في قول مالك؟ قال: لا إلا أن يكون للمريض مال مأمون من العقار والدور مثل ما وصفت لك.
|