الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه
.بابُ الحَالَةِ التي تَستَحقُّ عليهِ فيهَا النفَقةَ والتي لا تَستِحقُّ: .بَابُ الحُكمِ في قَطعِ النفَقَةِ عَنِ الزَّوجِ واختلافِهَا في قَبضِهَا: .بابُ نَفَقةِ الأقارِبِ: .بَابُ مَنْ أَحَقُّ بكَفَالةِ الطِّفْلِ: .بَابُ نَفقَةِ الرَقيقِ وَالبهَائِمِ: .كتابُ الجِنَايَاتِ: .بَابُ الجنَايَاتِ المُوجِبَةِ للقصَاصِ وذِكرُ مَا تَقَعُ بِهِ الآلةُ: وإذا جَرحَهُ جُرحَاً لاَ يجَوزُ أنْ يبقى مَعهُ مِثلُ أنْ تقَطعَ حشوتَهُ أو حُلقومَهُ ومرِيئَهُ، ثُمَ جَاءَ آخَرُ فقدَّهُ نِصفَينِ فالقَودُ عَلى الأَولِ، ويعزَّرُ الأخرُ، وإنْ جَرحَهُ جرحَاً يجَوزُ أنْ يبقَى مَعهُ، وجَاءَ آخرُ فذبحَهُ فعلى الذَّابِحِ القَودُ، ولَو قَطعَ يدَهُ مِنَ الكَوعِ فجَاءَ آخرُ فقطَعهَا مِنَ المرفَقِ فمَات فَعليهِمَا القَودُ فإنْ جَرحَهُ أَحدُهُمَا جرحَاً وجَرحَهُ الآخرُ مئةَ جَرحٍ فهُما قَاتِلانِ، فإنْ أمسَكَ رجلاً حَتَّى قَتلهُ آخَرُ فَعَلى القاتلِ القَودُ ويحبسُ الماسكُ حَتَّى يموتَ فِي إحدى الرُوَايَتَينِ، وفي الأُخَرى يقتلُ الممسكُ أيضَاً، وإن أُكرهَ إنسَانٌ عَلى قَتلِ مَن يُكافِيهِ قُتِلَ المكرهُ وَالُمكَرهُ، وإنْ أمرَ مَنْ لاَ يميز فقَتلَ إنسَاناً قُتِلَ الآمِرُ وحدهُ، وإنْ أمرَهُ السُّلطانُ بقتلِ إنسَانٍ بغير حقٍ فقَتلهُ، فَإن عَلَمِ بذَلِكَ فعَلَى القَاِتلِ القَودُ، وإنْ جَهِلَ الحَالَ فعلَى الآمِرِ القَودُ. فإن شَهِدَ اثنانِ عَلَى رَجلٍ بالقَتلِ فَقَتلهُ الحَاكِمُ بِشَهادَتِهما، ثُمَ رجَعا عَنِ الشَّهادَةِ فِإنْ قالا: تَعمدنَا فعلَيهِمَا القَودُ وإنْ قالا: أخطأنا فعَليهِمَا الدِيةُ، فإنْ قالَ القاضِي أو وليُّ الدَمِ: قَدْ علمتُ أن الشاهدَينِ كَذَبا وأنَّ المشهودَ بقتلِهِ حَيٌ ولكنَّا تعَمدْنا قتَلهُ فعليهِمَا القَودُ فإنْ خلَطَ سُمَّاً قَاتِلاً بِطَعامٍ، ثُمَ أطعَمهُ إنسَاناً أو خَلَطهُ بِطَعامِ إنسَانٍ فأكَلهُ ولم يعلمْ فمَاتَ فعَلَيهِ القَودُ وإنْ علِمَ أنَّ فيه سُماً فأكَلهُ مختارَاً، أو خلطَ السُمَّ بطعامِ نَفسهِ فأخذَهُ إنسَانٌ فأكَلهُ بغيرِ إذنهِ فلا قَودَ علَيهِ، فإنِ ادَّعى القَاتِلُ بالسّم أني لم أعلمْ أنه سُمّ يقتلُ لم يقبلْ قَولهُ في أحَدِ الوجهَينِ، وفي الآخَرِ يُقبلُ، ويكونُ قتلُهُ بذَلِكَ خَطأً، فإنْ قتلهُ بشَجرٍ يقتلُ في الغالبُ فَعليهِ القَودُ فإنْ طرحَهُ في نارِ لا يمُكنهُ التَّخلصُ منهُ فعلَيهِ القَودُ، وإذا قطعَ أجنبيٌ سَلعةً مِن إنسَانٍ بغيرِ إذنهِ فَماتَ فَعلَيهِ القَودُ، وإن قطَعهَا حَاكِمٌ مِنْ صَبيّ صَغيرٍ ومَاتَ فلا قَودَ، وإذا قتلَ واحِدٌ جمَاعةً فَحضَروا أولياءُ الجمَيعِ فَطَلبوا القصَاصَ قيلَ لهَم لم تستحقوا غيرَ ذلِكَ، وإنْ طلبَ بعضُهم، وبعضُهُم الدِيةَ أقيدَ لمن طَلبَ القِصَاصَ وأُعطُوا الباقينَ كلُّ واحدِ ديَةُ موروثهِ وإن اشتركَ الأبُ والأجنبيُ في قتلِ الابنِ لم يُقتلُ الأبُ، وَهلْ يقتلُ الأجنبيُ؟عَلى روَايَتَينِ، أصحُّهما أَنهُ يقتَلُ وكَذلِكَ إنِ اشتَركَ حُرٌ وعَبدٌ فِي قَتل عَبدٍ لَمْ يُقتلِ الحرُّ، وهَل يقتلُ العَبدُ؟ عَلى روَايَتَينِ، وكذلِكَ إن اشتَركَ الخَاطيءُ والعامِدُ لَمْ يُقتَل المخطِيءُ، وهلَ يقَتلُ العَامِدُ؟ عَلى روَايَتَينِ: أصحُّهمَا أنَّهُ لا يُقتَلُ، فَإنْ جَرحهُ أجنبيٌ وجَرحَ نفسَهُ أو جَرحَهُ سَبعٌ فمَاتَ فَهلْ يقتلُ الأجنَبيُّ أم لا؟ عَلى وَجهَينِ، فإنْ جرحَهُ إنسَانٌ فخَاطَ هوَ جرحَهُ في اللَحمِ أو دَاواهُ بسُمٍّ يقتلُ غالباً فهَل يقتلُ الجَارِحُ؟ عَلى ما تَقدمَ منَ الوجهَينِ، فَإنْ خاطَ جُرحَهُ الإمامُ وكانَ المجروحُ مولى علَيهِ فماتَ فَهل يُقتلُ الجارِحُ أم لا؟عَلى وَجهَينِ أيضَاً بناءً عَلى العَامِدِ إذا شَاركَ المخطيءَ، وَهكذا يُخرجُ في كلِّ عامِدَين أَحدُهُمَا لا يَلزمُهُ القصَاصُ وكل عامِدِ شَارك مخطيء فَهلْ يُقتلُ شريكُهُما أم لا؟ عَلى وَجهَينِ، ولا يُقتصُّ في النَّفسِ إلا بالسَيفِ في إحدَى الروَايَتَين، وفي الأُخرى يُفعلُ بهِ كَما فَعلَ، فإنْ مَاتَ وإلا جزّ رقبتهُ بالسَّيف إلا أنْ يكونَ قد قَتلهُ بمحرم كالسحورِ واللواطِ وتجريع الخَمر ونحوهُ، فإنهُ لا يُفعلُ بهِ ذَلِكَ ويقتلهُ بالسَّيفِ وأولى القِصَاصِ أن يَستوفِيَهُ بنَفسهِ ولهُ أنْ يُوكِّلَ في استِيفَائهِ وقِيل: لَهُ ذَلِكَ في النَّفس دونَ الطَّرفِ، فإنْ تَشَاحَّ أولياءُ المقتولِ فَطلبَ كُلُّ واحِدٍ أنْ يتَولى القِصاصَ أقرعَ بينَهم فَمنْ خَرجَت قُرعتهُ تولى ذَلِكَ، فإنْ وجَبَ عَلَيهِ قصَاصٌ في النَّفسِ لإنسَانٍ وفيمَا دونَ النَّفسِ لآخَرَ بُدِيءَ بالقصَاص فيمَا دونَ النَّفسِ، ثُمَّ اقتَصَّ مِنهُ في النَّفسِ. .بابُ الجنَاياتِ الموجبَةِ للقود في النَّفسِ والجوارِحِ: وإذا أوضَحَهُ فذَهبَ ضوء عينه أو سَمعهُ أو شَجَّهُ، وجبَ القصَاصُ عليهِ في جَميعِ ذَلِكَ إنْ أمكنَ استيفَاؤُهُ ومن غَيرِ أن تذهَبَ الحدقةُ والأذنُ أوِ الأَنفُ نحو أنْ توضِحَهُ، فإنْ ذَهبَ ذَلِكَ وإلا استعمَلَ فيهِ دَواءً أو فعلاً يَذهَبُ بهِ ذَلِكَ، فإنْ لَم يُمكِنْ إلا بالجِنايةِ عَلى هَذهِ الأعضَاءِ انتَقَلَ إلى الدِِيَةِ. ويُؤخَذُ الجِفنُ بالجِفنِ الأعَلى بالأَعلى والأسفَلِ بالأسفَلِ. ويؤخَذُ المارِنُ بالمارِنِ والمنخرُ بالمنخرِ، فإن عَلى بعضه قدر بالأَجزاءِ كالنِّصفِ والربعِ والثُلثِ وما أشبَه وأخذ منَ الآخرِ مثلَهُ. ويؤخَذُ الأَنفُ بالأَنفِ الصَحيحِ، والأخشَمُ بالأخشَمِ، فأَمَّا الأنفُ الأشَمُّ بالأخشَمِ والصَّحِيحُ بِالمخرومِ أو بالمستحشفِ، فلا يُعرفُ فيه رِوايةٌ فيحتَمِلُ وجهَينِ: أحدُهُما: يُقتَصُ منه، والآخَرُ لا يقتَصُّ. ولا يُقتصُّ في الأنفِ إلا مِن حَدِّ المَارِنِ: وَهوَ ما لانَ مِنهُ فإنْ قَطعَ قَصبَةَ أنفهِ فالمجنيُّ علَيهِ بالخيارِ بينَ أَخذِ الدِيةِ للمَارِنِ وحكومةٍ في القصبةِ، وبينَ أنْ يقطَعَ مَارِنَ ويأخذَ رأسَ القَصَبةِ. وتؤخَذُ الأُذنُ الصَّحيحَةُ بالصَّحيحَةِ والأَصمُّ بالأصَمِّ والبَعضُ بِالبَعضِ، فأمَّا الصَّحِيحَةُ بالصَّمَّاءِ فعلَى وَجهَين، وتؤخَذُ السِّنُّ بالسِّنِّ، إذا كَانَ مُشَارِكَاً لَهُ في الاسمِ وَالموضِعِ كالثنيةِ بالثنيةِ، والنَّابِ بالنَّابِ والضَّاحِكِ بالضَّاحِكِ والضرسِ بالضرسِ الأعلَى بالأعلَى، والأسفلِ بالأسفلِ وبعض السنِّ بالبعضِ يبردُ بقَدرِ المكسورِ، ويؤخَذُ اللسانُ باللسَانِ الصَّحيحُ بالصَّحيحِ والأخرَسُ بالصَّحيحِ، ولا يؤخَذُ الصَّحيحُ بالأَخرَسِ والبَعضُ بالبَعضِ وتُؤخَذُ الشفةُ بالشفةِ العُليا بالعُليا والسُّفلَى بالسّفلَى وتُؤخَذُ اليدُ باليدِ والرجلُ بالرجلِ والأصابعُ بالأصابعِ والأنامِلُ بالأنامِلِ المماثلةِ لها في الاسمِ والموضِعِ، ولا يؤخَذُ خُنصرٌ بإبهَامٍ ولا سَبَّابهٌ بوسطَى ولا أناملُ ولا شناثرةٌ ببراجمَ ويؤخذُ الكَفُّ بالكَفِّ والمرفَقُ بالمرفقِ والمنكبُ بالمنكَبِ إذا لم يخف من خائفةٍ إذا قطَعَ يدهُ مِن نصفِ الذراعِ، فَقالَ أصحَابُنا لا قصَاصَ في ذَلِكَ، وَيحتَمِلُ أنْ يقطعَ يدَهُ مِن الكوعِ، وهَل يؤخَذُ الإرشُ للباقي يحتَمِلُ وجهَينِ، شلاء. وتؤخَذُ الناقِصَةُ والشَّلاءُ بالصَّحِيحَةِ إنْ أرادَ القصاصَ ولا شَيءَ لَهُ عَلى قَولَ أبي بَكرٍ، وقَالَ ابنُ حَامدٍ وشَيخُنا: في الشَّلاءِ لِقَولهِ وفي النَّاقِصَةِ انهُ يأخُذُ مَعَ القصَاصِ دِيَةُ إصبعٍ، وَعندِي أنهُ يأخذُ إرشَ الشللِ مَعَ القصَاصِ عَلى قِياسِ قَولهِ في غَيرِ الأعوَرِ إذا قُلِعت وأرادَ القصَاصَ اقتصَّ مِنْ فردِ عين وأَخذَ نِصفَ دِيَةٍ، ولا يُؤخَذُ الإصَبعُ الأصليَّة بالإصَبعِ الزائدةِ وَلاَ الزائدةُ بالأصليَّةِ، وإذا قَطعَ إصبَعاً فَشلَّتْ إلى جَنبِها أخرى اقتصَّ عَنِ المقطُوعِ وأخَذَ الارشَ للشَّلاءِ فإنْ تآكلَتْ إلى جَنبِها أخرَى وسقَطَتْ مِن مفصَلٍ وَجَبَ القصَاصُ فيهِمَا ذكَرهُ أَبو بَكرٍ، وَكَذلِكَ إنْ قطَعَ بعضَ الكُوعِ فتآكلَتِ اليَدُ وسقَطَتْ وجَبَ القصَاصُ، وإذا قَطعَ جماعةٌ طَرفاً في حَالةٍ واحَدَةٍ فَعلَيهِمْ جمَيعُهمُ القِصاصُ في إحدَى الروَايَتَينِ، وفي الأخرَى: لا قصاصَ عليهم وتجِبُ عَلَيْهِمْ ديةُ الطرفِ، فإنْ تَفرقَتْ جِناياتُهم فلا قصَاصَ رِوايَةٌ واحِدَةٌ، ويؤخَذُ الذَّكرُ بالذَّكَرِ والأنثيين بالأُنثَيينِ السَّليَمةُ بالسَّليمَةِ والذَّكرُ المختُونُ بالأقلَفِ، ولا يؤخَذُ الصَّحيحُ باِلأَشلِّ، ولا ذكَرُ الفَحلِ بالخَصيِ ولا الذِي ينتشرُ بالعنّين في إحدَى الروَايَتَينِ، وفي الآخرِ يؤخَذانِ، وَأَصلُ الوجهَينِ هل في ذَكَرِ العنّينِ والخصيِّ دِيَةٌ كَامِلةٌ أو حُكومَةٌ عَلى روَايَتَينِ، فأما الَشَعرُ فَقالَ شَيخُنا: لا يجَبُ فيهِ القصَاصُ، وإذا اختَلفَ الجاني والمجني علَيهِ في شَكلِ العضوِ وصحَتهِ، فقالَ أبو بكرٍ: القَولُ قَولُ المجني، عَلَيهِ. وقالَ ابنُ حَامِدٍ: القولُ قولُ الجانِي. .فَصْلٌ: في القصاص في الجراح: وإذا أقلعَ سِنَّاً فلا قِصاصَ ولا دِيَةَ حتى ييئس عَن عَودِهَا بأنْ يقولَ أهلُ الخبرَةِ: هذهِ لا تَعودُ فإن عَادَتْ بعدَ أنِ اقتصَّ المجنيُّ علَيهِ فعلَى المقِتصِّ دِيَةُ سنِّ الجاِني، فإنْ عادَتْ سِنُّ الجاني أيضَاً لَزِمَهُ ردُّما أخذَ مِنَ الدِيَةِ فإنْ عادَتْ قَصيرةً أو معيبةً لزمهُ الجاني إرش النقصِ فإنْ ماتَ المجنيُّ علَيهِ قبلَ الإِياسِ منَ عود السِنِّ فلا قصَاص لوليهِ، ولَهُ دِيةُ السّن. وإذا وجَبَ لَهُ القصَاصُ في اليمَينِ فَقالَ: اخرج يمينَكَ ليقتصَّ منها فَأخرجَ يسَارَهُ عَمداً فقطِعت لم تجَزِ عمَّا علَيهِ عَلى قولِ ابن حَامِدِ، ويستوفى القصَاصَ مِنْ يمَينهِ بعدَ اندِمالِ اليَسارِ، وقال أبو بَكرٍ تجزي عن ما عَليهِ ويسقُطُ حقُ المقتَصِ، فإن قالَ المخرِجُ: أخرجتُها إليهِ غلَطاً وَدهشَةً أو ظنَّاً إنها تجَزي نظرنَا في المقتصِّ فإنْ كَانَ قَطعَ وهوَ جَاهِلٌ فلا قصاصَ علَيهِ ويلزمُهُ ديةُ اليدِ، وكذلِكَ إن قطَعَ وهوَ عَاِلمٌ إلا أَنَّهُ يعزرُ مَعَ ذَلِكَ وإن اخَتلفَا في العلمِ فالقَولُ قولُ الجَاني، فإنْ تَراضَيا على أَخذِ اليَسارِ لزِمَهُ دِيَةُ اليسَارِ وهل يَسقُطُ قصاصُهُ في اليَمينِ عَلى وجهَينِ، فإنْ كَانَ القصَاصُ عَلى مجَنونٍ فقال لهُ: اخرِجْ يمينَكَ فأخرَجَ يسَارَه فقَطعَها مَعَ علمِهِ بأنَّ ذَلِكَ ليسَ لهُ فَعليهِ القصَاصُ، وإن كَانَ جَاهِلاً بالحُكمِ أو بأنهَّا اليسَارُ فعلَيهِ الدِيَةُ فإنْ كَانَ لَهُ القصَاصُ مجنوناً فقال للعاقلِ: أخرج يمينكَ لأقتصَّ فأخرجَها إليهِ فقطعَها ذَهبَتْ يمينهُ هَدراً فإن وثَبَ المجنُونُ فقَطعَ يمينَهُ قَهراً سقَطَ حَقُّ المجنونِ بذَلِكَ في أحَدِ الوجهَينِ، وفي الآخَرِ: لا يسقُطُ ويكونُ لِلمَجُنونِ دِيَةُ يَدهِ وعلى عَاقِلةِ المجنونِ دِيَةُ الجانِي. .بَابُ العَفْوِ وَالقِصَاصِ: .بَابُ الجِنايَاتِ الموجِبَةِ للدِيَةِ في النَفسِ: وما أُجريَ مجَرى الخطَأ مثلُ: النَّائمِ ينقَلِبُ عَلى إنسَانٍ فَيقتلهُ فلا يوصَفُ فِعلُهُ بِعَمدٍ ولا خَطَأ. وكَذلِكَ مَنْ حَفرَ بِئراً أو نَصَبَ سكيناً فَليسَ لَهُ فِعلٌ في القَتلِ لا عَمد ولا خطأ ولكنْ أُجريَ ذَلِكَ في الحكم مجَرى الخَطَأ. وأما شِبهُ الخَطَأ فأن تَقصدَ الِجنايَةَ عليه بما لا يقتلُ غَالِباً نحو: إن يَضرِبَهُ بالسَّوطِ أو العصَا الصَّغيرِ أو يَلكمَهُ أو يلقَيهُ في مَاءٍ قليلٍ أو يجرهُ بما لا يقتُلُ في الغالبِ، ومَا أشبَهَ فإنَّ الدِيَة تجبُ في جَميع ذَلِكَ، فَإنْ ألقَاهُ عَلى أفعى أو ألقى الأفعى علَيهِ فَقَتلهُ فعلَيهِ دِيَتهُ، فإنْ غَصبَ حُراً صَغِيراً فأصَابَهُ عندَهُ صَاعقَةٌ أو نَهَشتْهُ حَيّةٌ عندَهُ فَعلى عَاقلَتهِ ديَتهُ فإنْ مَرِضَ عندَهُ فمَاتَ فعلَى وجهَينِ، فإن صَاحَ بِصَبيٍّ أو مَعتوهٍ وَهمُا عَلى سَطحٍ فَسقَطاَ، أو اعتقَلَ عَاقِلاً فصَاحَ بهِ فَسقَطَ وذهَبَ عَقلُهُ فعلَى عاقِلَتهِ الدِيَةُ في جَميع ذَلِكَ، فأنَ أفزعَ إنسَاناً فأحدَثَ بِغَائطٍ أو بَولٍ فعلَيهِ ثُلثُ دِيتهِ، وعنهُ لاضَمانَ علَيهِ فإنْ أدَّبَ الأبُ ولدَهُ أو المعلِّمُ الصَبيَّ، أو الزَّوجُ زَوجَتهُ، أو السُّلطانُ رَعيتَهُ فَأدَّى إلى تَلفهِ فلا ضَمانَ في ذَلِكَ ويتخرَّجُ وجوب الضَّمانِ عَلى ما قَالهُ إذا أرسَلَ السُّلطانُ إلى امرأةٍ ليحضِرَها فاجهضَتْ جَنينهَا ومَاتَتْ فَعلَى عاقِلتَهِ الدِيَةُ فإن سَلَّمَ وَلدَهُ إلى السَّابحِ لِيُعلمَهُ السِّباحَةَ فغَرقَ في يَدهِ فَقالَ شَيخُنَا: لا ضَمانَ ويحتَملُ وجوب الدِيَةِ عَلى عَاقِلتَهِ، وإذا طلبَ إنسَاناً بالسَّيفِ فوقعَ مِن سَطحٍ أو تردَّى إلى بئرٍ وَجَبتِ الدِيَةُ سواءٌ كَانَ المطلوبُ بَصِيراً أو ضَرِيراً، فإنْ حَفَر بئراً في فَنائهِ أو وضَعَ حَجَراً أو طَرحَ ماء فهَلكَ بهِ إنسَانٌ وَجبتْ دِيتُهُ، فإنْ حفر البئر ووضَعَ آخرَ حَجَراً فعثَر إنسَانٌ بالحجرِ فترَّدى في البئرِ فهَلكَ فديتهُ عَلى واضِعِ الحجَرِ فإن أمرَ إنسَاناً أن ينْزل بِئراً أو يصعَدَ إلى نَخلةٍ فَهلكَ بذَلِكَ، فإنْ كَانَ الآمرُ لَهُ غيرَ السُّلطانِ فلا ضَمانَ عليهِ إنْ كَانَ السُّلطانُ فَهل يلزَمُهُ الضَّمَانُ يحتَمِل وجَهَينِ، فإن وضَعَ جرةً عَلى سَطحهِ فَرماهَا الريحُ عَلى إنسَان فقَتلَهُ ولا ضَمانَ علَيهِ، وإذا اصطَدمَا الفارِسَانِ فَماتا فَعلَى عَاقلَتهِ كل واحِدٍ منهُمَا كَمَالُ دِيَةِ الآخَرِ، وإذا ركبَ بِصَبيينِ مَنْ لا وِلايةَ لَهُ علَيهِما دَابتَينِ فاصطَدمَا وماتا فعَلَى الذِي أركَبهمَا دِيتُهمَا. وإذا نزلَ رجلٌ إلى بئرٍ فَوقَعَ علَيهِ رَجُلٌ ثَاني، ثُمَ وَقعَ علَيهِمَا ثاَلِثٌ فَماتَ الأولُ خَاصَّةً فإنْ تَعمَّدا رَميَ أنفُسِهمَا وَمثل ذَلِكَ يَقتلُ غَالِباً فهُمَا متعمِّدانِ لِقَتلهِ فَعلِيهِمَا موُجِبُ العَمدِ، وإنْ كَانَ مثل ذَلِكَ لا يَقتُلُ غاِلباً فهَوَ عَمدٌ خَطَأ وفيهِ الدِيَةُ مُغلَّظةٌ، فَإنْ كَانَ الوقوعُ خَطأً فعلَى عَاقِلَتِهِما الديةُ مخفَفَةٌ، فإنْ مَاتَ الثَّاني فلا شَيءَ عَلى الأولِ، والثاِلثُ هوَ القَاتِلُ، والحُكمُ فيهِ عَلى ما تَقدَّمَ، فإنْ مَاتَ الثَّالثُ فَدمُهُ هَدرٌ فإن مَاتَ الثَّلاثَةُ فَفي الأولِ كَمَال الدِيَةِ عَلى الثَّاني والثَّالِثِ، وفي الثَّانِي كَمَالُ الدِيَة عَلى الثَّالثِ وَدَمُ الثالِثِ هدرٌ، فإن تردَّى رَجُلٌ في زبيةٍ فَجذَبَ ثَانِياً وَجذَبَ الثاني ثَالِثاً والثَالِثُ رَابعَاً وَمَاتُوا كُلُهُم أو قَتلَهم أسَدٌ كَانَ في الزبيةِ فَذهَبَ أحَمَدُ رَحِمَهُ اللهُ إلى قِصَّةِ عليٍ - عليه السلام- وأنهُ قَضَى للأَولِ بربعِ الدِّيَة، وللثاني بِثُلُثِها، وللثَّالِثِ بنِصفِها، وللرابِعِ بِكمِالِها، وأنها رُفِعتْ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَأجازَ قضَاءهُ وهذا توقِيفٌ يُخالِفُ القِيَاَسَ ومقتضَى القِيَاسِ أن يَجِبُ لكُلِ وَاحِدٍ منهم دِيةَ نفسهِ إلا أنَّ دِيَة الأولِ تَجبُ عَلى الثاني والثَالثَ، لأنهُ ماتَ مِن جَذبهِ وجَذبِ الثاني للثالثِ وجذبِ الثَّالثِ للرابعِ فَسقَط فعلى نَفسِهِ كَما قلنا في المتصادِمينِ، ووجَبَ عَلى الثاني والثالثِ دِيتهُ نِصفَينِ بينَهما بالسَّويَةِ ولا شَيءَ عَلى الرَّابعِ، لأنهُ لم يُوجَدْ منهُ فعِلٌ فَيصِيرُ ذَلِكَ سَبَباً في الإيَجابِ علَيهِ، وَأمَّا ديَةُ الثاني فتَجِبُ عَلى الأولِ والثَّالثِ نِصفَينِ، وأما دِيَةُ الثَّالثِ فَتَجِبُ عَلى الثَّاني، وَقِيلَ: بَل عَلى الثَّاني والأولِ نِصفَانِ، وأما دِيَةُ الرابع فَتجِبُ عَلى الثَّالثِ في أحَدِ الوَجهَينِ، وفي الآخرِ تَجِبُ عَلى الأولِ والثانِي والثَّالثِ أثلاثاً وعلَى هَذا وإنْ كَثرُوا يَجرِي الحُكمُ وهَذا هُوَ عَمدٌ خَطأٌ، وسنذكرُ في مالِ مَن يَجِبُ فإن رمَى ثلاثةً بالمنجنيقِ فَقَتلَ الحَجرُ إنسَاناً فَعلَى عَاقلةِ كلِّ واحِدٍ منهُم ثلثُ الدِيَةِ، فإنْ عَادَ الحَجرُ فَقَتلَ أحَدهُم فقالَ شَيخُنَا: تَجِبُ عَلى عَاقِلةِ كلِّ واحِدٍ منَ الباقِينَ ثلثُ الدِيَةِ، وَيسقُطُ ثلثُ الدِيَةِ، لأنهُ قَابلَ فِعلَ نَفسهِ، وَقِياسُ المذهَبِ أن يُلغي فِعل المقتولِ وتَجبُ الدِيَةُ إلى عَاقِلَتهِ لباقين نِصفَينِ كَمَا قُلنَا في المتصادِمَينِ وفي مَسأَلةِ الزِبيةِ، فإن عَادَ الحَجَرُ فَقَتلَ الثَّلاثةَ فَعلَى قواتلهِ عَلى عَاقلةِ كُلِّ وَاحدٍ ثُلثُا الدِيَةِ للآخرِين، وعلى قِياسِ المذهَبِ عَلى عَاقِلَةِ كلِّ واحِدٍ كَمَالُ الدِيَة للآخرِينَ. وإذا جَنَى عَلى نَفسهِ أو على أطرافِهِ جنَايَةً خَطأ فدِيَةُ النَّفسِ عَلى عَاقِلتهِ لوَرثتهِ، ودِيَةُ الطَّرفِ عَلى عاقلتهِ لَهُ نصَّ علَيهِ في روايةِ ابنِ منصورِ وأبي طَالِبِ ونقَل عَنهُ حربٌ مَا يَدُلُ عَلى أنَّ ذَلِكَ غير مَضمونٍ وهوَ القِيَاسُ، وعلى رِوَايةِ ابنِ مَنصورٍ تخَرجُ في الثلاثة إذا رمَوا بالمنجنيق فَعادَ فقتلَ واحِداً منهُم أنْ يكونَ عَلى عَاقلةِ المقتولِ ثلثُ الدِيَةِ وعلى عَاقِلَةِ كلِّ واحدٍ منَ الباقِينَ الثلثُ وكذلِكَ في مَسأَلةِ المصادَمَةِ، وَمَنِ اضطرَّ إلى طَعامِ الغَيرِ وشَرابهِ فَمنعهُ منهُ فَماتَ فعلَيهِ ديتهُ نصَّ عَلَيهِ وعلى هَذَا يتَخرَّجُ في كلِّ مَنْ أمكنه أنْ ينجي إنساناً منَ الهلاكِ، إما من غَرقٍ أو سبعٍ فلم يفعل فإنهُ تلزمه ديته، وإذا تجارحا فماتا بعد أن ادعى كل واحد منهما أنه جرحَ الآخر دَفعاً عن نفسه فعلى كل واحدٍ منهما ديةُ الآخرِ ولا تقبل دعواه. .بَابُ الجناياتِ عَلى الأعضَاءِ وَمنَافِعِهَا: فَإنْ نقَصَ الضوءُ وَجبتْ حُكومَةٌ، فَإنِ اختَلفَا في النقصَانِ، فالقَولُ قولُ المجنيِّ عَلَيهِ مَعَ يمينهِ. وفي العَينِ القائِمةِ حُكومَةٌ وعنهُ فِيهَا ثُلثُ دِيتِها. وكَذلِكَ الرِوايتَانِ في اليدِ الشَّلاءِ، وَلسَانِ الأَخرسِ، والذكرِ الأَشَلِّ، وذكرِ الخَصيِّ، والسِنِّ السودَاءِ والإصبعِ واليدِ الزائدَةِ وشحمَةِ الأُذنِ. وفي عَينِ الأَعوَرِ الدِيةُ كاملَةً نصَّ علَيهِ. واختَلفَتِ الرِوايَةُ في قَطعِ يَدِ الأقطَعِ ورِجلِهِ، فَعنهُ: تَجِبُ ديَةٌ، وعَنهُ: نِصفُ الدِيةِ بخلافِ العَينِ فَإنْ قلعَ الأعَورُ إحدَى عَينيِ الصَّحيحِ عَمدَاً فَلا قصَاصَ. وعَلَيهِ دِيَةٌ كامِلَةٌ، ويحتَمِلُ أنْ تُقلَعَ عَينُه ويعطَى نِصفَ الدِيَةِ عَلى مَا قالَهُ في رِوايَة إبراهيم بن هَانئ في رَجلٍ قَتلَ امرأةً يُقتَلُ بها وَيُعطَى وَرثتُهُ نِصفَ الدِيَةِ. فَإنْ قَلعَهَا خَطأ فَعلَيهِ نِصفُ الدِيَةِ نَصَّ عَلَيهِ في رِوايةِ ابنِ مَنصورٍ، فَإنْ قَلعَ الأَعوَرُ عَينَي الصَّحيحِ عَمْدَاً فَهوَ بِالخيارِ إنْ شَاءَ قَلعَ عَينَهُ وإنْ شَاءَ تركَهَا، وأخذَ الدِيَةَ كَامِلَةً. وفي الأجفَانِ الأربعةِ الدِيةُ، وفي كُلِّ جفنٍ رُبعُ الدِيةِ. وَكَذلِكَ في الأهدَابِ وفي الحاجِبَينِ إذا لَم تَثبتِ الدِيةُ وفي بَعضِهِ بحسَابهِ فَإنْ ضَربَ المارِنَ فَشلَّ أوِ اعوَجَّ فَفيهِ حُكومَةٌ، فَإنْ قطعَ بَعدَ ذَلِكَ فَفيهِ الدِيةُ، فَإنْ قُطعَ المارنُ وبَعضُ القَصَبةِ فَفِيهِ دِيَةٌ وحكومَةٌ، ويحتَمِلُ أنْ لا تَجِبَ إلا دِيَةٌ. وفي المنخرَينِ ثُلثا الدِيةِ وفي كُلِّ واحِدٍ ثُلثُها، وفي الحاجِزِ بينَهمَا ثُلثُ الدِيَةِ، وقالَ في رِوايَةِ الميمونيِّ: في كُلِّ زوجٍ مِنَ الإنسَانِ الدِيَةُ كَامِلَةً. وظاهِرُ هَذا أنَّ في المنخَرينِ الدِيَةَ وفي كلِ واحِدٍ نِصفَها. وفي الشَمِّ الدِيَةُ وإن قطعَ الأنفَ، وذَهبَ الشمُ وجبَ دِيتَان، فَإنِ اختَلفا في ذَهابِ الشَمِّ تُتْبع في حَالةِ الغَفلَةِ بشَمِّ الرَوائِحِ المنتنةِ، فَإنْ عَبسَ بَطلَتْ دَعواهُ وإلا فَالقَولُ قولُهُ مَعَ يمينهِ. وفـي الشَّفتَينِ الدِيَةُ وفي احـديهما نِصفُ الدِيَةِ، وَعَنهُ فـي السُّفلَى ثُلُثا الدِيةِ، فَـإنْ جَنَى عَليـهِمَا فَتقلَصتَا بِحَيـثُ لا تَنطَبِـقُ عَلى الأسـنَانِ، فَفِيهمَا الدِيَةُ فَإنْ تَقلصَتَا بَعضَ التَقليصِ فَفِيهَا حُكومَةٌ، فَإنْ قطعَ بَعضَ الشَفَةِ فَفِيهَا مِنَ الدِيَةِ بحسَابِ ذَلِكَ. وفي اللسَانِ الناطِقِ الدِيَةُ فَإنْ جَنى عَلَيهِ فَخَرسَ فَعلَيهِ الدِيَةُ، وإنْ ذهَبَ بَعضُ الكَلامِ وجَبَ بِقسطِهِ، يقسمُ عَلى الحُروفِ الثَمانيِةِ والعشرين مثل أنْ يقولَ في أحمدَ أمَدَ، فإنهُ تَجبُ دِيةُ الحاءِ، ويحتَمِلُ أن يقسم عَلى الحُروفِ التي لِلسَانِ فيهَا عَمَلٌ دونَ الشَفَويةِ كَالباءِ، والفَاءِ، والمِيمِ وَنحوِهَا فَإنْ حَصَلَ بهِ تَمتَمةٌ أو لَثغةٌ أو عَجَلةٌ، وَجَبتْ حُكومَةٌ. فَإنْ قَطعَ بعضَ اللسانِ فأذهَبَ بعضَ الكَلامِ، فالإعتِبَارُ بالأكثَرِ حَتى إنْ قَطعَ ثُلثَ اللسَانِ فذَهبَ نِصفُ الكَلامِ، أو قطعَ نِصفَ اللسانِ فذَهبَ ثُلُثُ الكَلامِ، فَعلَيهِ نِصفُ الدِيَةِ في الموضِعَينِ، فَإنْ قَطَعَ ربعَ لسَانهِ فذَهبَ نِصفُ كَلامهِ فأخذَ نِصفَ الدِيةِ، فجَاءَ آخرُ فقطَعَ اللسَانَ فَعلَيهِ نِصْفُ الدِيةِ وحكومَةٌ، لأنَّ رُبعَهُ صَارَ أشَلاً بالقَطعِ الأولِ، فَإنْ قطعَ لسَانهُ ثُمَ عادَ فَنبتَ - إنْ تُصورَ ذَلِكَ - سَقطَتِ الدِيةُ وَكَذلِكَ إن قَلعَ سِنَّهُ ثُمَ عادَ، أو ذَهبَ ضَوءُ عَينيهِ أو سَمعهُ أو ذوقهُ ثُمَ عَادَ سَقطَتِ الدِيةُ، فَإنْ قَطعَ لِسانَ الطفلِ الذِي يحرِكُهُ بالبكَاءِ فَفِيهِ الدِيَةُ، فَإنْ قطَعَ لسانَ الأخرَسِ فَعلَى وجهَينِ: أَحدُهُمَا: فيهِ حُكومَةٌ، والثَّاني: ثُلثُ الدِيَةِ. وفي ذهَابِ الذَّوقِ الدِيَةُ فَإنِ اختلَفَا، أطعِمُ الأَشياءَ الحامِضَةَ والمرَّةَ فَإنْ عَبسَ عَلِمنا أنهُ لَم يَذهبْ. فَإنْ ضَربَهُ فَأَذهبَ مَنفعَةَ المَضغِ والأَكلِ فَفيهِ الدِيَةُ. وفي كُلِّ سِنٍّ خَمسٌ مِنَ الإبلِ إذا كَانَ كَامِلاً، سَواءٌ قَطعَهُ مِنْ شَجَّةٍ أو كَسرِ مَا ظَهرَ فِيهِ. وفي كُلِّ شَجَّةٍ مِنهُ حُكومَةٌ وفي بَعضِهِ بقسطِهِ، فَإنْ ضَربَها فاسودَّتْ فَفِيهَا دِيتُها، وَعَنهُ ثُلثُ دِيَتِها، وقالَ أبو بَكرٍ: فِيهَا حُكومَةٌ فَإنْ تَغيَّرتْ، أو تَحركتْ وَجَبتْ حُكومةٌ، فَإنْ جَنَى عَلى سِنّهِ اثنانِ واختَلفَا، فَالقَولُ قَولُ المجني عَلَيهِ في مِقدَارِ ما أتلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا. فَإنْ قلعَ سِنَّ كَبيرٍ فَضمِنَ ثُمَ نَبتَ، فإنَّهُ يردُ ما أخَذَ. ذَكرهُ أبو بكرٍ. وَظاهِرُ كَلامِ أحَمَدَ -رَحِمَهُ الله - أنهُ يُردُ مَا أخَذَ ويكونُ عَلَيهِ حُكومَةٌ لِقَلعِ الأولِ. فَإنْ قلعَ سِنَّ صَغيرٍ لَم يتَغير انتَظرهَا، فَإنْ أيسَ مِنهَا فَعلَيهِ دِيتُها كَما لو قَطعَ لِسَانهُ، وقَالَ شَيخُنَا: فِيهَا حُكومةٌ وَأَخَذَ بروايةِ ابنِ مَنصورٍ في سِنِّ الصَبيِّ حُكومَةٌ وهذا مَحمولٌ عَلَيهِ إذا نَبتَ تَجِبُ حُكومَةٌ لأَجلِ الأولةِ وقالَ في رِوايةِ جَعفرٍ بنِ مُحَمَدٍ: إذا قلَعَ سِنهُ فَردَّهُ، فَالتَحَم ترد الدِيةُ وَيكونُ لهُ إرشُ الجراحِ. وَكذلِكَ قَالَ: إذا قَطعَ لسَانَهُ فأخَذَ إرشَهُ ثُمَ نَبتَ صَحِيحَاً يردُ إرشَهُ ثُمَ نبتَ صَحيحَاً يرد إرشهُ، وَيكونُ لَهُ حكومَةُ قَطعهِ فَهذَا مثلهُ، فَإنْ قَلعَ أَسنَانَهُ دفَعةً واحِدَةً وَهِيَ اثنانِ وثلاثونَ، فَعلَيهِ مِئةٌ وسِتونَ بَعيرَاً، ويحتَمِلُ أن تَجِب مئةُ بَعيرٍ. وفي اللحيين الدِيَةُ وفي أَحدِهِمَا نِصفُ الدِيَةِ إذا قَلعَ ممنْ لا سِنَّ لهُ كالطِّفلِ أو الشَّيخِ، فَإنْ قُلِعَتْ وَعلَيهَا الأَسنَانُ وَجَبتْ دِيتُها ودِيَةُ الأَسنَانُ، وفي حَلقِ اللِّحيةِ إذا لَم تَنبَت كَمالُ الدِيَةِ، وفي بَعضِها بحسَابِ ذَلِكَ، فَإنْ أبقى مِنها ما لا جَمالَ في بقَائهِ بحَالٍ، فَهلْ يَلزمُهُ كَمَالُ الديةِ أو بالحسابِ؟ عَلى وَجهَين. وفي الصَّغيرِكَمالُ الدِيةِ. وَهوَ أنْ يَضرِبُهُ فَيصيرَ وجهُهُ في جَانبٍ. فَإنْ ضرَبَهُ فَاسوَدَّ وَجهُهُ بِحَيثُ لا يُزالُ السَّوادُ فعلَيهِ كَمالُ الدِيَةِ. وفي اليدَينِ الدِيَةُ، وَفي أَحدِهِمَا نِصفُ الدِيَةِ فَإنْ ضَربَهُ فَشلتَا وَجَبَ كَمالُ الدِيَةِ. وفي كُلِّ أصبَعٍ عَشرٌ مِنَ الإبلِ، وفي كُلِّ أنملَةٍ ثُلثُ دِيَةِ الإصبَعِ إلا الإبهامَ فإنهُ تَجِبُ فيهِ نِصفُ دِيَةِ الإصبَعِ وفي كُلِّ ظفرٍ خُمسُ دِيَةِ الإصبَعِ، وَكَذلِكَ إذا اسوَدَّ فَإنْ نَبتَ عَلى صِفَتهِ، رد ارشَهُ عَلى قِياسِ قَولهِ وفي السِّنِّ. ورويَ عَنهُ يلزمُهُ خمسةُ دَنانيرَ. وإن نَبتَ أسوَد يَلزمُهُ عَشرَةُ دَنانِيرَ نَصَّ عَلَيهِ. وفي الكَفِّ الذي لا أصَابعَ عَلَيهِ حُكومَةٌ، وَعنهُ ثلثُ الدِيةِ وَكذلِكَ في الذرَاعِ وَحدَهُ أو العضُدِ. فَإنْ قَطعَ كَفَّاً عَلَيهِ بعضُ الأصَابِعِ دَخلَ ارشَ ما حَاذى الأصابعَ في دِيَةِ الأصَابعِ ووجَبَ في الباقِي حُكومَةٌ، فَإنْ قَطعَ اليدَ مِنَ المرفَقِ أو العضُدِ فظاهرُ كلامِ أحَمَدَ-رَحِمَهُ اللهُ- أنهُ يلزمُهُ دِيةَ اليَدِ. وقَالَ شَيخُنَا: يلزمُهُ في اليَدِ إلى حدِ الكَوعِ ديتُها، وَيلزمُهُ فيما زادَ حكومَةٌ. وفي الرجْلَينِ الدِيَةُ وفي أحَدَيهمَا نِصفُها، وفي كُلِّ إصبَعٍ عَشرةٌ مِنَ الإبلِ، وفي شَلَلِهَا وقَطعِهَا دونَ الأَصَابعِ وقَطعِ جُزءٍ منَ السَّاق معَها عَلى مَا ذَكرناَ في اليدَينِ وفي الأليتَينِ الدِيَةِ وفي أحدَيهمَا نِصفُها. وإذا كسَرَ صُلبَهُ فَعجِزَ عَنِ المشيِ فَعلَيهِ الدِيَةُ، وإنْ نَقصَ مَشيُهُ، أو انحنَى فَعلَيهِ حُكومَةٌ، وإنْ أذهَبَ بِكَسرهِ مَنفعَةَ الوَطءِ فعليهِ الدِيةُ، وإنِ أختَلفَا فالقَولُ قَولُ المجنيِّ عَلَيهِ، وقَد قَالَ أحَمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ- في الحَدبِ الديةُ وظاهرُهُ أنهُ إذا كَسَرَ صُلبَهُ، فَانحنى لزِمَهُ الديَةُ، فَإنْ أبطلَ بذَلِكَ مَنفَعةَ المَشيِ والوَطءِ لزِمَهُ ديتَانِ في إحدى الرِّوايَتَيْنِ، وفي الأخرى تلزمهُ ديةٌ واحِدَةٌ. وفي حَلَمَةِ الثَديَينِ الدِّيَةُ، سَواءٌ كانتْ مِنَ الرَّجُلِ أوِ المرأَةِ وفي أحدَيهمَا نِصْفُها. وفي الثَديينِ بغيرِ حَلَمَتَينِ حُكومَةٌ. وفي شَلَلِها ما في قَطعِهمَا، وإنْ جَنَى عَلَيْهِمَا فَذَهَبَ لَبَنُهُما فعليهِ حُكومَةٌ. وفي حَشفَةِ الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وفي جَميعِهِ ما في الحَشَفَةِ، وفي قَطْعِهِ بلا حَشَفةٍ حُكومَةٌ أو ثُلثُ الدِّيةِ، وفي قَطْعِ بَعْضِهِ بقِسْطِهِ، فَإنْ جَنَى عَلَيهِ فشلَّ لَزِمَهُ الدِّيةُ. وفي الخِصْيَتَينِ وفي أحَدَيهمَا نِصفُها، فَإنْ قَطَعَ الخِصْيَتَيْنِ، والذَّكَرَ مَعَاً أوِ الذَّكَرَ ثُمَّ الخصيتين لزمهُ ديتانِ، فَإنْ قطع الخصيتين ثُمَ الذكر وجب ديةُ الخصيتين، وهل في الذكر ديةٌ أم لا؟ عَلى روَايَتَينِ: إحْدَاهُمَا: دِيَةٌ، والأخرى:حُكومَةٌ أَو ثلثُ الدِّيَةِ عَلى اختِلافِ الرِّوايَتَيْنِ. وفي ذَكَرِ العِنِّينِ الدِّيَةُ، وعَنْهُ فيهِ حُكومَةٌ. وفي أسكِتَي المرأةِ ديتُها وفي أَحَدَيهِما نِصفُها، وإذا أفْضَى امرأةً بالوَطءِ – والإفضَاءُ أَنْ يجعَلَ مَخْرَجَ البَوْلِ والولَدِ وَاحِداً ـ فإنْ كانَتْ زَوْجَتُهُ ومِثْلُهَا يُوطَأُ فلا شَيءَ عَلَيهِ، وإنْ كَانَ مثلُهَا لا يوطَأُ نَظَرْنَا فَإنْ كَانَ البَوْلُ يَسْتَمسِكُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وإنْ كَانَ لا يَسْتَمسِكُ فعلَيهِ كَمالُ دِيتِها. وإنْ كانَتِ المرأَةُ أجْنَبيَةً مُطَاوِعَةً فَوطئَها فلا ضَمانَ عَلَيهِ، وإن وطِئَها بشُبهةٍ أو أكرهَهَا فَحكمُها في الضَّمانِ حُكمُ من لا تُوطَأُ مثلُها، وَيزيدُ عَلى ذَلِكَ بأنْ يَجِبَ عَلَيهِ مَعَ الدِّيةِ إرشُ البَكَارةِ. وإذا كَدَمَ يَدَ رَجلٍ فانتزَعَهَا مِنْ فَمِهِ فسقطَتْ أسنَانُه فلا ضَمانَ عَلَيهِ. وإذا اطَّلعَ في بَيتِ إنسَانٍ بحيثُ يَنظرُ عَورَتَهُ أو حُرمتهُ فلهُ أنْ يَرميَ عَينَهُ، فَإنْ فَقَأَهَا فلا ضَمانَ عَلَيهِ. .بَابُ ارشِ الشَجَاجِ وَكَسرِ العِظَامِ: فَإنْ شَجَّ جَميعَ رَأسِهِ سمحاقاً إلا موضعاً منهُ فإنهُ أوضَحَهُ فَعلَيهِ إرشُ موضِحَةٍ. والثانيةُ الهاشِمةُ: وَهيَ التي تَرضخُ العظمَ وتَهْشِمُهُ فَفِيهَا عشرةٌ مِنَ الإبل فَإنْ كانَتْ عَمدَاً فَهوَ مُخَيِّرٌ بينَ أَنْ يُوضِحَهُ وَيَأْخذَ خَمسَاً مِنَ الإبلِ أَو يعفوَ عَنِ القصَاصِ ويأخذَ عَشراً.وقال أبو بَكرٍ: لا يجتَمِعُ القِصَاصُ وإرشٌ وَلَهُ أنْ يَقْتَصَّ مِنَ الموضِحَةِ أو يأخذَ عَشرةً، فإنْ ضَرَبَهُ بِمثقَلٍ فَهَشَمَ العَظمَ ولم يوضِحَهُ فَعلَيهِ حُكومَةٌ. وَقيلَ: يَلزمُهُ خُمْسُ الإبلِ. وَالثالثةُ المنقِلةُ: وهي ما لا يَبرأُ إلا بنَقلِ عَظمٍ مِنهَا فَيجبُ فيها خَمس عشرةَ منَ الإبلِ. والرَّابِعةُ المأمومَةُ: وَهيَ التي تَصِلُ إلى جِلدٍ رَقيقٍ فيه الدَّمَاغُ وَيسمَّى أمَّ الدَّماغِ؛ لأنَّها تَجمعُهُ وتحوطُهُ وفيها ثُلثُ الدِّيَةِ. والخامِسَةُ الدَّامِغَةُ: وَهيَ التي تَخرِقُ أمَّ الدَّمَاغِ فَفِيهَا مَا في المَأمومَةِ، وفي الجَائِفَةِ ثُلثُ الدِّيَةِ وهي الجَرحُ الذي يَصِلُ إلى بَاطِن الجَوفِ مِنْ ظَهرٍ أو بَطنٍ أو صَدرٍ أو حَلقٍ، فَإنْ طَعَنَهُ في بَطْنِهِ فَنَفَذَتِ الطَّعْنَةُ مِنْ ظَهرِهِ. فَهَلْ هُمَا جَائِفَةٌ أو جَائِفَتَانِ؟ عَلى وجهين فإن طعنهُ في خَدِّهِ فَوَصَلَتِ الطَّعنةُ إلى فَمِهِ فَفِيهِ حُكومَةٌ، وَيَحتَمِلُ أَنْ تكونَ جَائِفَةً، فَإنْ جَرحَهُ في وَركِهِ ثُمَّ مَدَّ السِّكينَ إلى جوفهِ، فَعلَيهِ ثُلثُ الدِّيَةِ للجَائفَةِ، وَحكومَةٌ في جَرحِ الوَركِ كَمَا لو أَوضَحَهُ في رَأَسِهِ وَمدَّ السِّكينَ إلى قفاهُ وجب إرشُ الموضِحةِ وحكومَةٌ، فَإنْ أَجَافَهُ ثُمَّ جاء آخرُ فأوسَعَ الجُرحَ فهما جائِفَتانِ فإن أوسَعَ ظاهرَهُ دونَ باطِنهِ أو باطِنَهُ دونَ ظاهِرِهِ فَعلَيهِ حكومَةٌ، فَإنْ خيطَتِ الجَائِفَةُ فالتَحَمَتْ فجَاءَ آخرُ فَفَتَقَها فَعَلَيهِ ثُلثُ الدِّيةِ.وَيَجِبُ في كَسرِ الضلعِ بَعِيْرٌ، وفي التِّرقُوَةِ بَعيرٌ، وفي الترقوَتَيِنِ بعيرانِ، وفي كُلِّ واحِدٍ مِنَ الذِّراعِ والسَّاعدِ والزَّندِ والعَضُدِ والفَخذِ والسَّاقِ بعيرانِ، وما عَدا ما ذكرنا مِنَ الجِراحِ والشّجاجِ وكسرِ العظَامِ مثلُ: خرزةِ الصُلبِ والعصعص فلا مِقدارَ فيهِ بَل فيهِ حُكومَةٌ أنْ يُقَوَّمَ الحُرُّ كأنهُ عبدٌ لا جِناية به ثُمَّ يُقَوَّمَ وبهِ الجنايةُ المبدلةُ فمَا نقَصَ مِنْ قيمتهِ سَليماً وَجَبَ من ديتهِ بقسطِ ذَلِكَ، فَإنْ كانَتِ الجنَايةُ مما لا ينقصُ بها شَيءٌ بعدَ الاندِمَالِ قُوِّمَ حالُ الجنايةِ، فَإنْ كانتِ الجنايةُ مما تَزيدهُ حُسناً وتَزيدُهُ في قيمتهِ كَمَنْ حَلَقَ لحيةَ امرأةٍ قَوَّمنَا لو كَانَ عَبداً كَبيراً لَهُ لحيةٌ، ثُمَّ إذا ذَهَبتْ لحيتهُ فَأَشَانَهُ فمَا نَقَصَ أَلزمنَاهُ بقسطِ ذَلِكَ منْ دِيةِ المرأةِ وفيهِ نظرٌ. .بَابُ مقاديرِ الدياتِ: وَأمَّا اليهوديُّ والنَّصرانيُّ ومَنْ أجرِيَ مَجراهُم من السَّامرةِ والصَّابئينَ فديتُهُ نِصفُ دِيَةِ المسلمِ في إحدى الرِّوايَتَيْنِ، وَفي الأخرى: ثُلثُ دِيَةِ المسلِمِ إلا أنْ يقتلَ عَمداً فَيجِبُ كمالُ دِيَةِ المسلمِ وَأمَّا المجوسيُ فَدِيتُهُ ثُلثا عُشرِ دِيَةِ المسلِمِ، فَإنْ قَتلَ عَمدَاً أضعفت دِيتُهُ، وَأمَّا مَن لَم تَبلغْهُ دَعوةُ نَبيِّنا صلى الله عليه وسلم فَلا يلحَقُ الذي يكونُ لَهُ أَصلُ دينٍ هُوَ مُتمسِّكٌ كَاليهودِيِّ والنَّصرانيِّ أو لا يكونُ لَهُ دِينٌ فَإنْ لَم يَكنْ لَهُ أَصلُ دِينٍ فَلا يَضمَنُ، وإنْ كَانَ لَهُ أصلُ دِينٍ فَلا رِوايَةَ فيهِ إلا أنَّ شَيخَنا قالَ: لا ضَمانَ عَلى قَاتِلهِ، وَعندِي: أنهُ مما يضمَنُ بهِ أهلُ دِينهِ. فَأمَّا الحربيُّ والمرتَدُّ فلا ضَمانَ عَلى قاتِلهِمَا بحَالٍ، وَدِيَةُ المرأةِ في النَّفسِ عَلى النِّصفِ مِن دِيَةِ الرَّجُلِ، فَأما فِيمَا دُونَ النَّفسِ مِنَ الجراحِ فيسَاوي ارشُ جراحِها ارشَ جراحِ الرَّجُلِ إلى ثُلثِ دِيَةٍ، فإذا زَادَ عَلَى الثُلثِ فَعلَى النِّصفِ مِنَ ارشِ جرَاحِهِ، وَعنْهُ: أَنها متَسَاويَةٌ فيمَا دونَ الثُلثِ، فإذا أبلغَ صَارَ إرشُها عَلَى النِّصفِ. وَأمَّا الخنثى المُشكِلُ فَدِيتُهُ نِصفُ دِيَةِ ذَكَرٍ ونِصفُ دِيَةِ أُنثَى، وَكَذلِكَ في إرشِ جرَاحِهِ، ومَنْ قَطعَ يَدَ ذِميٍّ فَأسلَمَ ثُمَ مَاتَ ضَمِنَهُ بدِيَةِ ذمِيً، فَإنْ قَطعَ يَدَ مُسلِمٍ فَارتَدَّ ومَاتَ علَى ردَّتِهِ فَعلَيهِ نِصفُ دِيَةِ مُسلِمٍ، فَإنْ قَطعَ يَدَ مُرتَدٍ أو حَربيٍّ فأَسلَمَ ثُمَ مَاتَ فلا ضَمانَ عَلَيهِ. ومَنْ أرسَلَ سَهمَاً إلى كَافرٍ أو عَبدٍ فأسلَمَ الكَافِرُ وعَتقَ العَبدُ، ثُمَ وقعَ بهِ السَّهمُ فَقتَلَهُ ضَمِنَهُ بدِيَةِ حُرٍّ مُسلمٍ. فَإنْ رمَى إلى مُسلِمٍ فَلمْ يَقعْ بهِ السَّهمُ حَتى ارتَدَّ فلا ضَمانَ عَلَيهِ، وَدِيةُ الجَنينِ غرةُ عَبدٍ أو أمَةٍ قيمتُها نِصفُ عُشرِ دِيةِ أَبيهِ أو عُشرُ دِيَهِ أمِّهِ إذا سقَطَ مِنَ الجنَايةِ تدفَعُ إلى وَارِثهِ، فَإنْ كَانَ أَحدُهُما مُسلِمَاً والآخَرُ كَافِراً، أحدُهُما ذِميٌّ والآخَرُ مَجوسِيٌ اعتبرَ بأكثرِهِما دِيَة، ولا يُقبَلُ في الغرَّةِ مَن لَم يَبلُغْ لَهُ سَبعَ سِنينَ، ولا يُقبَلُ خُنثَى ولا مَعيبٌ، فَإنْ القَتهُ مُضغَةً وشَهِدَ القَوابِلُ أنهُ خَلقُ آدميٍ فَعلَى وجهَينِ: أَحدُهُمَا: تَجبُ الغرةُ، والثَّاني:لا تَجِبُ بِنَاءً عَلى انقضَاءِ العِدَّةِ، فَإنْ القتْهُ حَيَّاً ثُمَ مَاتَ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وإنِ اختَلفَا في حَياتِهِ فَقامَتِ البَينَةُ أنهُ تَنفَسَ أو تَحرَّكَ أو عَطشَ فَهوَ حَيٌّ وإنْ عدِمتِ البينَة فَعلَى وَجهَينِ، وَتجبُ في جَنينِ الأَمةِ عُشرُ قِيمَةِ أمةٍ حالَ الجنَايةِ سَواءٌ كَانَ ذَكرَاً أو أنثَى ويجبُ في قَتلِ العَبدِ والأَمةِ قِيمتُها، وإنْ بلغَتْ دِياتٍ وعَنهُ: لا يَبلغُ بالعَبدِ دِيةَ الحرِّ، والجِنايَةُ المضمُونَةُ مِنَ الحرِّ بالحكومَةِ مَضمَونَةٌ في الرَّقِيقِ بما نقَصَ، وَالجِنَايةُ مِنَ الحرِّ بالدِيةِ أو بمقدَارٍ مِنَ الدِيةِ، مَضمونَةٌ للرقِيقِ بالقِيمَةِ وبمقدرٍ منَ القِيمَةِ، وَعنهُ: أنَّ جَميعَ جِنَاياتِ الرَّقِيقِ تَضمَنُ نقص وَهِيَ اختِيارُ الخلاَّلِ، وإنْ قَطعَ يدَ عَبدٍ فأعَتقهُ مَولاهُ ثُمَ مَاتَ فعلَيهِ قِيمتُهُ لِلسيِّدِ نَصَّ عَلَيهِ وفي رِوَايةِ حَنبلٍ، وحَكَى شَيخُنَا في المجردِ عَنِ ابنِ حَامِدٍ: أنَّ عَلَيهِ دِيةُ حرٍّ لِلمولَى مِنهَا أقل الأمرَينِ مِنْ نِصفِ الدِيَةِ أو نِصفِ القِيمَةِ والبَاقي لِورثَتهِ اعتبارَاً بحَالِ الاستِقرَارِ، قَالَ: وَعلَى ذَلِكَ لو قَطعَ يدَ ذمِيٍّ ثُمَ أَسلَمَ ومَاتَ فعلَيهِ دِيةُ مُسلِمٍ، ولَو ضَربَ بَطنَ أمَةٍ حَامِلٍ فأعتقتْ وأعتَقَ الجَنينُ ثُمَ ألقتْهُ مَيتاً فَعلَيهِ غَرةُ قيمتُها خَمسونَ دِينَاراً، قَالَ: وهو ظَاهِرُ كَلامِ أحمَدَ رحمَهُ اللهُ، والأولُ أصَحُّ في المذهَبِ، ولا يختَلِفُ العَمدُ والخَطأُ في ضَمانِ الرَّقِيقِ، وإذا جَنَى العَبدُ جِنايةً خَطأ فَمولاهُ بالخِيارِ بَينَ أنْ يسلمَهُ أو إرشُ الجنَايةِ، فَإنْ سَلمهُ فامتنعَ ولي الجنايةَ مِنْ أخذهِ، وَقَالَ: بِعهُ وادفعْ إليَّ قِيمتَهُ فَهلْ يلزَمُ السَّيدَ ذَلِكَ أم لا؟ عَلى روَايَتَينِ، فَإنْ كَانَتِ الجنَايَةُ عَمداً فَلِوَليِّ الجِنَايَةِ الاقتصَاصُ، فَإنْ عَفى عَنِ القصَاصِ عَلى رَقبةِ العَبدِ فَهلْ يملكُهُ بِذلِكَ؟ عَلى روَايَتَينِ: أَحدُهُمَا: يَملِكهُ بذَلِكَ مِنْ رِضَى السَّيِّدِ. والثانيةُ: لا يَملكهُ بِغَيرِ رِضَى السَّـيِّدِ ويرجِعُ عَلَى السَّـيِّدِ، وهل يرجِعُ بقِيمتهِ أو بدِيَةِ المَقتولِ يحتَمِلُ وجهَينِ.
|